رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل رأسه ويديه وقدميه قال فيقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه أما غلامك فقد أفسده عليك فلما جاءهم عداس قالا له ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه قال يا سيدي ما في الأرض خير من هذا الرجل لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي فقال ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعا إلى مكة حين يئس من خير ثقيف حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي فمر به نفر من جن أهل نصيبين اليمن فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا لما سمعوا فقص الله خبرهم عليه فقال (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا مسدد ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء فأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم قالوا خيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قالوا قالوا ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا) فأنزل الله على نبيه (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) وإنما أوحى إليه قول الجن وروي أنهم لما رجعوا بالشهب بعث إبليس سراياه لتعرف الخبر وكان أول بعث بعث ركبا من أهل نصيبين وهم أشراف الجن وساداتهم فبعثهم إلى تهامة وقال أبو حمزة اليماني بلغنا أنهم من الشيصبان وهم أكثر الجن عددا وهم عامة جنود إبليس فلما رجعوا قالوا (إنا سمعنا قرآنا عجبا) وقال جماعة بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينذر الجن ويدعوهم إلى الله تعالى ويقرأ عليهم القرآن فصرف إليه نفرا من الجن من أهل نينوى وجمعهم له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة فأيكم يتبعني فأطرقوا ثم استتبعهم فأطرقوا ثم استتبعهم الثالثة فأطرقوا فاتبعه عبد الله بن مسعود قال عبد الله ولم يحضر معه أحد غيري فانطلقنا حتى إذا كنا على مكة دخل نبي الله صلى الله عليه وسلم شعبا يقال له شعب الحجون وخط لي خطا ثم أمرني أن أجلس فيه وقال لا تخرج منه حتى أعود إليك ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن فجعلت أرى أمثال النسور تهوي وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على نبي الله صلى الله عليه وسلم وغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه حتى ما أسمع صوته ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الفجر فانطلق إلي وقال لي أنمت فقلت لا والله يا رسول الله وقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك تقول اجلسوا قال لو خرجت لم آمن عليك أن يتخطفك بعضهم ثم قال هل رأيت شيئا قلت نعم يا رسول الله رأيت رجالا سودا مستثفري ثيابي بيض قال أولئك جن نصيبين سألوني المتاع والمتاع الزاد فمتعتهم بكل
(١٧٣)