تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٨٦
سورة النحل من الآية 106 إلى الآية 108 قد يكون ذلك قال قلت المؤمن يسرق قال قد يكون ذلك قلت المؤمن يكذب قال لا قال الله (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بالله) 106 (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره) قال ابن عباس نزلت هذه الآية في عمار وذلك أن المشركين أخذوه وأباه ياسرا وأمه سمية وصهيبا وبلالا وخبابا وسالما فعذبوهم فأما سمية فإنها ربطت بين بعيرين ووجىء قبلها بحربة فقتلت وقتل زوجها ياسر وهما أول قتيلين قتلا في الإسلام وأما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها قال قتادة أخذ بنو المغيرة عمارا وغطوه في بئر ميمون وقالوا له اكفر بمحمد فتابعهم على ذلك وقلبه كاره فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن عمارا كفر فقال كلا إن عمارا مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وراءك قال شر يا رسول الله نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال كيف وجدت قلبك قال مطمئنا بالإيمان فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه وقال إن عادوا لك فعد لهم بما قلت فنزلت هذه الآية قال مجاهد نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا فكتب إليهم بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هاجروا فإنا لا نراكم منا حتى تهاجروا إلينا فخرجوا يريدون المدينة فأدركتهم قريش في الطريق فكروا كارهين وقال مقاتل نزلت في جبر مولى عامر بن الحضرمي أكرهه سيده على الكفر فكفر مكرها (وقلبه مطمئن بالإيمان) ثم أسلم مولى عامر بن الحضرمي وحسن إسلامه وهاجر جبر مع سيده (ولكن من شرح بالكفر صدرا) أي فتح صدره بالكفر بالقبول فاختاره (فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) وأجمع العلماء على أن من أكره على كلمة الكفر يجوز له أن يقول بلسانه وإذا قال بلسانه غير معتقد لا يكون كفرا وإن أبى أن يقول حتى يقتل كان أفضل واختلف أهل العلم في طلاق المكره فذهب أكثرهم إلا أنه لا يقع 107 (ذلك بأنهم استحبوا) آثروا (الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين) لا يرشدهم 108 (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون) عما يراد بهم 109 (لا جرم) أي حقا (أنهم في الآخرة هم الخاسرون) أي المغبونون
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»