تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٨٣
سورة النحل من الآية 94 وحتى الآية 97 وأعلى (من أمة) قال مجاهد وذلك أنهم كانوا يحالفون الحلفاء فإذا وجدوا قوما أكثر منهم وأعز نقضوا حلف هؤلاء وحالفوا الأكثر فمعناه طلبتم العز بنقض العهد بأن كانت أمة أكثر من أمة فنهاهم الله عن ذلك (إنما يبلوكم الله به) يختبركم الله بأمره إياكم بالوفاء بالعهد (وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون) في الدنيا 93 (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) على ملة واحدة وهي الإسلام (ولكن يضل من يشاء) بخذلانه إياهم عدلا منه (ويهدي من يشاء) بتوفيقه إياهم فضلا منه (ولتسئلن عما كنتم تعملون) يوم القيامة 94 (ولا تتخذوا أيمانكم دخلا) خديعة وفسادا (بينكم) فتغرون بها الناس فيسكنون إلى أيمانكم ويأمنون ثم تنقضونها (فتزل قدم بعد ثبوتها) فتهلكوا بعدما كنتم آمنين والعرب تقول لكل مبتلى بعد عافية أو ساقط في ورطة بعد سلامة زلت قدمه (وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله) قيل معناه سهلتم طريق نقض العهد على الناس بنقضكم العهد (ولكم عذاب عظيم) 95 (ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا) يعني لا تنقضوا عهودكم تطلبون بنقضها عرضا قليلا من الدنيا ولكن أوفوا بها (إنما عند الله هو) من الثواب لكم على الوفاء بالعهد (خير لكم إن كنتم تعلمون) فضل ما بين العوضين ثم بين ذلك 96 فقال (ما عندكم ينفد) أي الدنيا وما فيها يفنى (وما عند الله باق ولنجزين) قرأ أبو جعفر وابن كثير وعاصم بالنون والباقون بالياء (الذين صبروا) على الوفاء في السراء والضراء (أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن الطيسفوني أنا عبد الله بن عمر الجوهري ثنا أحمد بن علي الكشميهني ثنا علي بن حجر ثنا إسماعيل بن جعفر ثنا عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \ من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى \ 97 قوله تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) قال سعيد بن جبير وعطاء هي الرزق الحلال قال الحسن هي القناعة وقال مقاتل بن حيان يعني العيش في
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»