تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٨٢
سورة النحل من الآية 90 وحتى الآية 93 (وإيتاء ذي القربى) صلة الرحم (وينهى عن الفحشاء) ما قبح من القول والفعل وقال ابن عباس الزنا (والمنكر) ما لا يعرف في شريعة ولا سنة (والبغي) الكبر والظلم وقال ابن عيينة العدل استواء السر والعلانية والإحسان أن يكون سريرته أحسن من علانيته والفحشاء والمنكر أن تكون علانيته أحسن من سريرته (يعظكم لعلكم تذكرون) لعلكم تتعظون قال ابن مسعود أجمع آية في القرآن هذه الآية وقال أيوب عن عكرمة إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الوليد (إن الله يأمر بالعدل) إلى آخر الآية فقال له يا ابن أخي أعد فعاد عليه فقال إن له والله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وما هو بقول البشر 91 قوله تعالى (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم) والعهد ها هنا هو اليمين قال الشعبي العهد يمين وكفارته كفارة اليمين (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) تشديدها فتحنثوا فيها (وقد جعلتم الله عنكم كفيلا) شهيدا بالوفاء (إن الله يعلم ما تفعلون) واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية وإن كان حكمها عاما قيل نزلت في الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم الله بالوفاء بها وقال مجاهد وقتادة نزلت في حلف أهل الجاهلية ثم ضرب الله مثلا لنقض العهد 92 فقال (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة) أي من بعد غزله وإحكامه قال الكلبي ومقاتل هي امرأة خرقاء حمقاء من قريش يقال لها ريطة بنت عمرو بن سعد بن كعب بن زيد مناة بن تميم وتلقب بجعر وكان بها وسوسة وكانت اتخذت مغزلا بقدر ذراع وصنارة مثل الأصبع وفلكة عظيمة على قدرها وكانت تغزل الغز من الصوف والشعر والوبر وتأمر جواريها بذلك فكن يغزلن من الغداة إلى نصف النهار فإذا انتصف النهار أمرتهن بنقض جميع ما غزلن فهذا كان رأيها ومعناه أنها لم تكف عن العمل ولا حين عملت كفت عن النقض فكذلك أنتم إذا أنقضتم العهد لا كففتم عن العهد ولا حين عاهدتم وفيتم به (أنكاثا) يعني أنقاضا واحدتها نكث وهو ما نقض بعد الفتل غزلا كان أو حبلا (تتخذون أيمانكم دخلا بينكم) أي دخلا وخيانة وخديعة والدخل ما يدخل في شيء للفساد وقيل الدخل والدغل أن يظهر الوفاء ويبطن النقض (أن تكون) أي لأن تكون (أمة هي أربى) أي أكثر
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»