سورة النحل من الآية 109 وحتى الآية 111 110 (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا) عذبوا ومنعوا من الإسلام فتنهم المشركون (ثم جاهدوا وصبروا) على الإيمان والهجرة والجهاد (إن ربك من بعدها) من بعد تلك الفتنة والغفلة (لغفور رحيم) نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل من الرضاعة وفي أبي جندل بن سهيل بن عمرو والوليد بن الوليد بن المغيرة وسلمة بن هشام وعبد الله بن أبي أسيد الثقفي فتنهم المشركون فأعطوهم بعض ما أرادوا ليسلموا من شرهم ثم إنهم هاجروا بعد ذلك وجاهدوا وقال الحسن وعكرمة نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فاستزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة بقتله فاستجاره عثمان وكان أخاه لأمه من الرضاعة فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إنه أسلم وحسن إسلامه فأنزل الله هذه الآية وقرأ ابن عامر (فتنوا) بفتح الفاء والتاء ورده إلى من أسلم من المشركين فتنوا المسلمين 111 (يوم تأتي كل نفس تجادل) تخاصم وتحتج (عن نفسها) بما أسلفت من خير وشر مشتغلا بها لا تتفرغ إلى غيرها (وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون) روي أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار خوفنا قال يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لو وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبيا لأتت عليك ساعات وأنت لا تهمك إلا نفسك وإن لجهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل منتخب إلا وقع جاثيا على ركبتيه حتى إبراهيم خليل الرحمن يقول يا رب لا أسألك إلا نفسي وإن تصديق ذلك الذي أنزله الله عليكم (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها) وروى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى تخاصم الروح الجسد فتقول الروح يا رب لم يكن لي أيد أبطش بها ولا رجل أمشي بها ولا أعين أبصر بها فنجني وعذبه ويقولا لجسد يا رب خلقتني كالخشب لم تبطش يدي ولم تمش رجلي ولم تبصر عيني فجاء هذا كشعاع النور فبه نطق لساني وأبصرت عيني وبطشت يدي ومشت رجلي قال فيضرب الله لهما مثلا فقال إنما مثلكما مثل أعمى ومقعد دخلا حائطا فيه ثمار فالأعمى لا يبصر الثمر والمقعد يرى ولا يناله فحمل الأعمى المقعد فأصابا من الثمر فعليهما العذاب 112 قوله تعالى (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة) يعني مكة كانت آمنة لا يهاج أهلها ولا يغار عليها (مطمئنة) قارة بأهلها لا يحتاجون إلى الانتقال للانتجاع كما يحتاج إليه سائر العرب (يأتيها رزقها
(٨٧)