تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٨
سورة الحجر من الآية 23 وحتى الآية 30 يراد بها الجنس والكثرة ولهذا وصفت بالجمع في قوله (لواقح) وقرأ الباقون (الرياح) بالألف على الحمع ووجهه ظاهر وذلك أنها وصفت بقوله (لواقح) وهي جماعة فينبغي أن يكون الموص أيضا جماعة ليتوافقا قوله (فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه) أي جعلنا المطر لكم سقيا يقال أسقى فلان فلانا إذا جعل له سقيا وسقاه إذا أعطاه ما يشرب وتقول العرب سقيت الرجل ماء ولبنا إذا كان لسقيه فإذا جعلوا له ماء لشرب أرضه ودوابه تقول العرب أسقيته (وما أنتم له بخازنين) يعني المطر في خزائننا لا في خزائنكم وقال سفيان بمانعين 23 (وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون) بأن نميت جميع الخلائق فلا يبقى حين سوانا والوارث من صفات الله عز وجل قيل الباقي بعد فناء الخلق وقيل معناه إن مصير الخلق إليه 24 (ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين) قال ابن عباس أراد بالمستقدمين الأموات وبالمستأخرين الأحياء قال الشعبي الأولين والآخرين وقال عكرمة المستقدمون من خلق الله والمستأخرون من لم يخلق الله قال مجاهد المستقدمون القرون الأولى والمستأخرون أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقال الحسن المستقدمون في الطاعة والخير والمستأخرون المبطئون عنها وقيل المستقدمون في الصفوف في الصلاة والمستأخرون فيها وذلك أن النساء كن يخرجن إلى صلاة الجماعة فيقفن خلف الرجال فربما كان من الرجال من في قلبه ريبة فيتأخر إلى آخر صفوف الرجال ليقرب من النساء ومن النساء من كانت في قلبها ريبة فتتقدم إلى أول صفوف النساء لتقرب من الرجال فنزلت هذه الآية وقال النبي صلى الله عليه وسلم \ خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها \ وقال الأوزاعي أراد المصلين في أول الوقت والمؤخرين إلى آخره وقال مقاتل أراد بالمستقدمين والمستأخرين في صف القتال وقال ابن عيينة أراد من يسلم ومن لا يسلم 25 (وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم) على ما علم منهم وقيل يملك الكل ثم يحشرهم
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»