سورة إبراهيم من الآية 36 وحتى الآية 37 إلى الدنيا لأنها سبب الفتنة (فمن تبعني فإنه مني) أي من أهل ديني وملتي (ومن عصاني فإنك غفور رحيم) قال السدي معناه ومن عصاني ثم تاب وقال مقاتل بن حيان ومن عصاني فيما دون الشرك وقيل قال ذلك قبل أن يعلمه الله أنه لا يغفر الشرك 37 قوله تعالى (ربنا إني أسكنت من ذريتي) أدخل من للتبعيض ومجاز الآية أسكنت من ذريتي ولدا (بواد غير ذي زرع) وهو مكة لأن مكة واد بين جبلين (عند بيتك المحرم) سماه محرما لأنه يحرم عنده ما لا يحرم عند غيره أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عبد الله بن محمد ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب السختياني وكثير بن أبي كثير بن المطلب بن أبي وداعة يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس أول ما اتخذ النساء المناطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا لتعفى أثرها على سارة ثم جاء بها إبراهيم عليه السلام وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفل إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها فقالت له آلله أمرك بهذا قال نعم قالت إذن لا يضيعنا ثم رجعت فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات فرفع يديه فقال (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع) حتى يلغ (يشكرون) وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلبط أو قال يتلوى وانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت بطن الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم \ فلذلك سعى الناس بينهما \ فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت صه تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت أيضا فقالت قد أسمعت إن كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تخوضه وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم \ يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم \ أو قال \ لو لم تغرف من الماء في سقائها لكانت زمزم عينا معينا \ قال فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك لا تخافوا الضيعة وإن هناك بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه وإن الله لا يضيع أهله وكان موضع البيت مرتفعا من
(٣٧)