تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٤٩
الأولين والآخرين أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن أنا أبو سعيد الصيرفي ثنا أبو العباس الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم \ من مات على شيء بعثه الله عليه \ 26 قوله تعالى (ولقد خلقنا الإنسان) يعني آدم عليه السلام سمى إنسانا لظهوره وإدراك البصر إياه وقيل من النسيان لأنه عهد إليه فنسي (من صلصال) وهو الطين اليابس الذي إذا نقرته سمعت له صلصلة أي صوتا قال ابن عباس هو الطين الحر الطيب الذي إذا نضب عنه الماء تشقق فإذا حرك تقعقع وقال مجاهد هو الطين المنتن واختاره الكسائي وقال هو من صل اللحم إذا أنتن (من حمأ) والحمأ الطين المنتن الأسود (مسنون) أي متغير قال مجاهد وقتادة هو المنتن المتغير وقال أبو عبيدة هو المصبوب تقول العرب سننت الماء أي صببته قال ابن عباس هو التراب المبتل المنتن جعل صلصالا كالفخار وفي بعض الآثار إن الله عز وجل خمر طينة آدم وتركه حتى صار متغيرا أسود ثم خلق منه آدم عليه السلام 27 (والجان خلقناه من قبل) قال ابن عباس هو أبو الجن كما أن آدم أبو البشر وقال قتادة هو إبليس خلق قبل آدم ويقال الجان أبو الجن وإبليس أبو الشيطان وفي الجن مسلمون وكافرون ويحيون ويموتون وأما الشياطين فليس منهم مسلمون ويموتون إذا مات إبليس وذكر وهب إن من الجن من يولدهم ويأكلون ويشربون بمنزلة الآدميين ومن الجن من هم بمنزلة الريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون (من نار السموم) والسموم ريح حارة تدخل مسام الإنسان فتقتله يقال السموم بالنهار والحرور بالليل وعن الكلبي عن أبي صالح السموم نار لا دخان لها والصواعق تكون منها وهي نار بين السماء وبين الحجاب فإذا أراد الله أن يحدث أمرا خرقت الحجاب فهو إلى ما أمرت به فالهدة التي تسمعون في خرق ذلك الحجاب وقيل نار السموم لهب النار وقيل من نار السموم أي من نار جهنم وعن الضحاك عن ابن عباس قال كان إبليس من حي من الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار فأما الملائكة فإنهم خلقوا من النور 28 قوله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا) أي سأخلق بشرا (من صلصال من حمأ مسنون) 29 (فإذا سويته) وعدلت صورته وأتممت خلقته (ونفخت فيه من روحي) فصار بشرا حيا والروح جسم لطيف يحيا به الإنسان وأضافه إلى نفسه تشريفا (فقعوا له ساجدين) سجود تحية لا سجود عبادة 30 (فسجد الملائكة) الذين أمروا بالسجود (كلهم أجمعون) فإن قيل لم قال (كلهم أجمعون) وقد حصل المقصود بقوله فسجد الملائكة قلنا زعم الخليل وسيبويه أنه ذكر ذلك تأكيدا وذكر المبرد أن قوله (فسجد الملائكة) كان من المحتمل أنه سجد بعضهم فذكر كلهم ليزول هذا
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»