سورة الأنبياء من الآية 82 وحتى الآية 83 الريح وتظلهم الطير ثم سار من مدينة بلخ متخللا بلاد الترك ثم جاءهم إلى أرض الصين يغدو على مسيرة شهر ويروح على مثل ذلك ثم عن مطلع الشمس على ساحل البحر حتى أتى على أرض القندهار وخرج منها إلى أرض مكران وكرمان ثم جاوزها حوالي أرض فارس فنزلها أياما وغدا منها إلى الشام فقال بكسكر ثم راح وكان مستقره بمدينة تدمر وكان أمر الشياطين قبل شخوصه من الشام إلى العراق فبنوها له بالصفاح والعمد والرخام الأبيض والأصفر وفي ذلك يقول النابعة (ألا سليمان إذ قال المليك له قم في البرية فاحددها عن العقد) (وجيش الجن إني قد أذنت لهم يبنون تدمر بالصفاح والعمد) 82 قوله تعالى (ومن الشياطين) يعني وسخرنا له من الشياطين (من يغوصون له) يعني يدخلون تحت الماء فيخرجون له من قعر البحر الجواهر (ويعملون عملا دون ذلك) يعني دون الغوص وهو ما ذكر الله عز وجل (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل) الآية (وكنا لهم حافظين) حتى لا يخرجوا من أمره وقال الزجاج معناه حفظناهم من أن يفسدوا ما عملوا وفي القصة أن سليمان كان إذا بعث شيطانا مع إنسان ليعمل له عملا قال له إذا فرغ من عمله قبل الليل أشغله بعمل آخر لئلا يفسد ما عمل وكان من عادة الشياطين أنهم إذا فرغوا من العمل ولم يشتغلوا بعمل آخر خربوا ما عملوا وأفسدوه 83 قوله تعالى (وأيوب إذ نادى ربه) يعني دعا ربه قال وهب بن منبه كان أيوب رجلا من الروم وهو أيوب بن أموص بن تارخ بن روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم وكانت أمه من أولاد لوط بن هاران وكان الله قد اصطفاه ونبأه وبسط عليه الدنيا وكانت له البثنية من أرض الشام كلها سهلها وجبلها وكان له فيها من أصناف المال كله من البقر والإبل والغنم والخيل والحمر ما لا يكون لرجل أفضل منه من العدة والكثرة وكان له خمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد ومال ويحمل آلة كل فدان أتان وكل أتان من الولد اثنان وثلاثة وأربعة وخمسة وفوق ذلك وكان الله أعطاه أهلا وولدا من رجال ونساء وكان برا تقيا رحيما بالمساكين يطعم المساكين ويكفل الأرامل والأيتام ويكرم الضيف ويبلغ ابن السبيل وكان شاكرا لأنعم الله مؤديا لحق الله قد امتنع من عدو الله إبليس أن يصيب منه ما يصيب من أهل الغنى من الغرة والغفلة والتشاغل عن أمر الله بما هو فيه من الدنيا وكان معه ثلاثة نفر قد آمنوا به وصدقوه رجل من أهل اليمن يقال له الثغر ورجلان من أهل بلده يقال لأحدهما يلدد والآخر صافر وكانوا كهولا وكان إبليس لا يحجب عن شيء من السماوات وكان يقف فيهن حيث ما أراد حتى رفع الله عيسى فحجب عن أربع
(٢٥٦)