سورة الأنبياء من الآية 80 وحتى الآية 81 إلا أن داود أخطأ وأصاب سليمان وقالوا يجوز الخطأ على الأنبياء إلا أنهم لا يقرون عليه فأما العلماء فلهم الاجتهاد في الحوادث إذا لم يجدوا فيها نص كتاب ولا سنة فإذا أخطأوا فلا إثم عليهم فإنه موضوع عنهم لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي أنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهادي عن محمد بن إبراهيم التيمي عن بسر بن سعيد أبي عن قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \ إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر \ وقال قوم إن داود وسليمان حكما بالوحي وكان حكم سليمان ناسخا لحكم داود وهذا القائل يقول لا يجوز للأنبياء الحكم بالاجتهاد لأنهم مستغنون عن الاجتهاد بالوحي وقالوا لا يجوز الخطأ على الأنبياء واحتج من ذهب إلى أن كل مجتهد مصيب بظاهر الآية وبالخبر حيث وعد الثواب للمجتهد على الخطأ وهو قول أصحاب الرأي وذهب جماعة إلى أنه ليس كل مجتهد مصيبا بل إذا اختلف اجتهاد مجتهدين في حادثة كان الحق مع واحد لا بعينه ولو كان كل واحد مصيبا لم يكن للتقسيم معنى وقوله عليه السلام \ وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر \ لم يرد به أنه يؤجر على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة والإثم في الخطأ عنه موضع إذا لم يأل جهده أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أنا أبو الزناد عن عبد الرحمن الأعرج أنه سمع أبا هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \ كانت امرأتان معهما ابناهما فجاء الذئب فذهب بابن أحدهما فقال صاحبتهما إنما ذهب بابنك وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى فخرجتا على سليمان وأخبرتاه فقال ائتوني بالسكين أشقه بينهما فقالت الصغرى لا تفعل يرحمك الله فهو ابنها فقضى به للصغرى \ قوله تعالى (وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير) أي وسخرنا الجبال والطير يسبحن مع داود إذا سبح قال ابن عباس كان يفهم تسبيح الحجر والشجر وقال وهب كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح وكذلك الطير وقال قتادة يسبحن أي يصلين معه إذا صلى وقيل كان داود إذا فتر يسمعه الله تسبيح الجبال والطير لينشط في التسبيح ويشتاق إليه (وكنا فاعلين) ما ذكر من التفهيم وإيتاء الحكم والتسخير 80 (وعلمناه صنعة لبوس لكم) المراد باللبوس هنا الدروع لأنها تلبس وهو في اللغة اسم لكل ما يلبس ويستعمل في الأسلحة كلها وهو بمعنى الملبوس كالجلوس والركوب قال قتادة أول من صنع الدروع وسردها وحلقها داود وكانت من قبل صفائح والدرع يجمع الخفة والحصانة (لتحصنكم) لتحرزكم وتمنعكم (من بأسكم) أي من حرب عدوكم قال السدي من وقع السلاح
(٢٥٤)