تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٥١
ما كنت قط أياما أنعم مني من الأيام التي كنت فيها في النار قال ابن يسار وبعث الله ملك الظل في صورة إبراهيم فقعد فيها إلى جنب إبراهيم يؤنسه قالوا وبعث الله جبريل إليه بقميص من حرير الجنة وطنفسة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه وقال جبريل يا إبراهيم إن ربك يقول لك أما علمت أن النار لا تضر أحبائي ثم نظر نمرود وأشرف على إبراهيم من صرح له فرآه جالسا في روضة والملك قاعدا إلى جنه وما حوله نار تحرق الحطب فناداه يا إبراهيم كبير إلهك الذي بلغت قدرته أي حال بينك وبين ما أرى يا إبراهيم هل تستطيع أن تخرج منها قال نعم قال هل تخشى إن أقمت فيها أن تضرك قال لا قال فقم فأخرج منها فقام إبراهيم يمشي فيها حتى خرج منها فلما خرج إليه قال له يا إبراهيم من الرجل الذي رأيته معك في مثل صورتك قاعدا إلى جنبك قال ذاك ملكك الظل أرسله إلي ربي ليؤنسني فيها فقال نمرود يا إبراهيم إني مقرب إلى إلهك قربانا لما رأيت من قدرته وعزته فيما صنع بك حيث أبيت إلا عباجته وتوحيده إني ذابح له أربعة آلاف بقرة فقال له إبراهيم إذا لا يقبلها منك ما كنت على دينك حتى تفارقه إلى ديني فقال لا أستطيع ترك ملتي وملكي ولكن سوف أذبحها فذبحها له نمرود ثم كف عن إبراهيم ومنعه الله منه قال شعيب الجبائي ألقي إبراهيم في النار وهو ابن ست عشرة سنة 70 قوله (وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين) قيل معناه أنهم خسروا السعي والنفقة ولم يحصل لهم مرادهم وقيل معناه إن الله عز وجل أرسل على نمرود وأهله البعوض فأكلت لحومهم وشربت دماءهم ودخلت واحدة في دماغه فأهلكته 71 قوله (ونجيناه ولوطا) من نمرود وقومه من أرض العراق (إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) يعني الشام بارك الله فيها بالخصب وكثرة الأشجار والثمار والأنهار ومنها بعث أكثر الأنبياء وقال أبي بن كعب سماها مباركة لأنه ما من ماء عذب إلا وينبع أصله من تحت الصخرة التي هي ببيت المقدس أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار أنا أحمد بن منصور الرمادي أنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة أن عمر بن الخطاب قال لكعب ألا تتحول إلى المدينة فبها مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبره فقال كعب إني وجدت في كتاب الله المنزل يا أمير المؤمنين أن الشام كنز الله من أرضه وبها كنزه من عباده أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري أنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز أنا محمد بن زكريا العذافري أنا إسحاق الديري أنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \ إنها ستكون هجرة بعد هجرة فخيار الناس إلى مهاجر إبراهيم \ وقال محمد بن إسحاق استجاب لإبراهيم رجال من قومه حين رأوا ما صنع الله به من جعل النار عليه بردا وسلاما على خوف من نمرود وملئه وآمن به لوط وكان ابن أخيه وهو لوط بن هاران بن تارخ وهاران هو أخو إبراهيم وكان لهما أخ ثالث يقال له ناخور بن تارخ وآمنت به أيضا سارة وهي بنت عمه وهي سارة بنت هاران الأكبر عم إبراهيم فخرج من كوثى من أرض العراق مهاجرا إلى ربه ومعه لوط وسارة كما قال الله تعالى (فآمن له لوط وقال
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»