تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٢
سورة مريم من الآية 63 وحتى الآية 67 الكاذبة (إلا سلاما) استثناء من غير جنسه يعني بل يسمعون فيها سلاما أي قولا يسلمون منه والسلام اسم جامع للخير لأنه يتضمن السلامة معناه إن أهل الجنة لا يسمعون ما يؤثمهم إنما يسمعون ما يسلمهم وقيل هو تسليم بعضهم على بعض وتسليم الملائكة عليهم وقيل هو تسليم الله عليهم (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) قال أهل التفسير ليس في الجنة ليل يعرف به البكرة والعشي بل هم في نور أبدا ولكنهم يؤتون بأرزاقهم على مقدار طرفي النهار وقيل أنهم يعرفون وقت النهار برفع الحجب ووقت الليل بإرخاء الحجب وقيل المراد منه رفاهية العيش وسعة الرزق من غير تضييق وكان الحسن البصري يقول كانت العرب لا تعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشي فوصف الله عز وجل أهل جنته بذلك 63 (تلك الجنة التي نورث من عبادنا) أي نعطي وننزل وقيل يورث عباده المؤمنين المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا (من كان تقيا) أي المتقين من عباده 64 (وما نتنزل إلا بأمر ربك) أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا خلاد بن يحيى أنا عمر بن ذر قال سمعت أبي يحدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا \ فنزلت (وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا) الآية قال كان هذا الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم وقال عكرمة والضحاك وقتادة ومقاتل والكلبي احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل قومه عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فقال أخبركم غدا ولم يقل إن شاء الله حتى شق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزل بعد أيام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم \ أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك \ فقال له جبريل إني كنت أشوق ولكني عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست فأنزل الله (وما نتنزل إلا بأمر ربك) وانزل (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) (له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) أي له علم ما بين أيدينا واختلفوا فيه فقال سعيد بن جبير وقتادة ومقاتل ما بين أيدينا من أمر الآخرة والثواب والعقاب وما خلفنا ما مضى من الدنيا وما بين ذلك ما يكون هذا من الوقت إلى قيام الساعة وقيل ما بين أيدينا من أمر الآخرة وما خلفنا من أمر الدنيا وما بين ذلك أي ما بين النفختين وبينهما أربعون سنة وقيل ما بين أيدينا ما بقي من الدنيا وما خلفنا ما مضى منها وما بين ذلك مدة حياتنا وقيل ما بين أيدينا بعد أن نموت وما خلفنا قبل أن نخلق وما بين ذلك مدة الحياة وقيل ما بين أيدينا من
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»