تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ١٧١
نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال وهذه أشد من الأولى قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض قال كان مائلا فقال الخضر بيده فأقامه فقال موسى قوم آتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا لو شئت لتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك إلى قوله (ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما \ قال سعيد بن جبير فكان ابن عباس يقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وكان يقرأ وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين وعن سعيد بن جبير في رواية أخرى عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ قام موسى رسول الله فذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب فأدركه رجل فقال أي رسول الله هل في الأرض أحدا أعلم منك قال لا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله قيل بلى عبدنا الخضر قال يا رب وأين قال بمجمع البحرين قال فخذ حوتا ميتا حيث ينفخ فيه الروح وفي رواية قيل له تزود حوتا مالحا فإنه حيث تفقد الحوت فأخذ حوتا فجعله في مكتل \ رجعنا إلى التفسير قوله (وإذ قال موسى لفتاه) يوشع بن نون (لا أبرح) أي لا أزال أسير (حتى أبلغ مجمع البحرين) قال قتادة بحر فارس وبحر الروم مما يلي المشرق وقال محمد بن كعب طنجة وقال أبي بن كعب أفريقية (أو أمضي حقبا) أي وإن كان حقبا أي دهرا طويلا وزمانا وجمعه أحقاب والحقب جمع الحقب قال عبد الله بن عمر والحقب ثمانون سنة فحملا خبزا وسمكة مالحة حتى انتهيا إلى الصخرة التي عند مجمع البحرين ليلا وعندها عين تسمى ماء الحياة لا يصيب ذلك الماء شيئا إلا حي فلما أصاب السمكة روح الماء وبرده اضطربت في المكتل وعاشت ودخلت البحر 61 فذلك قوله (فلما بلغا) يعني موسى وفتاه (مجمع بينهما) أي بين الفريقين (نسيا) تركا (حوتهما) وإنما كان الحوت مع يوشع وهو الذي نسيه وأضاف النسيان إليهما لأنهما جميعا تزوداه لسفرهما كما يقال خرج القوم إلى موضع كذا وحملوا من الزاد كذا وإنما حمله واحد منهم (فاتخذ) أي الحوت (سبيله في البحر سربا) أي مسلكا وروي عن ابن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال \ انجاب الماء عن مسلك الحوت فصار كوة لم يلتئم فدخل موسى الكوة على أثر الحوت فإذا هو بالخضر \ قال ابن عباس جعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى صار صخرة وقال الكلبي توضأ يوشع بن نون من عين الحياة فانتضح على الحوت المالك في المكتل من ذلك الماء فعاش ثم وثب في ذلك الماء فجعل يضرب بذنبه فلا يضرب بذنبه شيئا من الماء وهو ذاهب إلا يبس وقد روينا أنهما لما انتهيا إلى الصخرة وضعا رؤوسهما فناما واضطرب الحوت فخرج وسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا فأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره فانطلقا حتى إذا كان من الغد 62 قوله تعالى (فلما جاوزا) يعني ذلك الموضع وهو مجمع البحرين (قال) موسى (لفتاه
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»