سورة المائدة (97 98) عن مالك رحمه الله وذهب أصحاب الرأي إلى وجوب الجزاء في قتل ما لا يؤكل لحمه كالفهد والنمر والخنزير ونحوها إلا الأعيان المذكورة في الخبر وقاسوا عليها الذئب فلم يوجبوا فيه الكفارة وقاس الشافعي رحمه الله عليها جميع ما لا يؤكل لحمه لأن الحديث يشتمل على أعيان بعضها سباع ضارية وبعضها هوام قاتله وبعضها طير لا يدخل في معنى السباع ولا هي هي من جملة الهوام وإنما هي حيوان مستخبث اللحم وتحريم الأكل يجمع الكل فاعتبره ورتب الحكم عليه سورة المائدة (97) قوله عز وجل (جعل الله الكعبة البيت الحرام) قال مجاهد سميت كعبة لتربيعها والعرب تسمي كل بيت مربع كعبه قال مقاتل سميت كعبة لإنفرادها من البناء وقيل سمت كعبة لإرنفاعها من الأرض وأصلها من الخروج والإرتفاع وسمي الكعب عكبا لنتوئه وخروجه من جانبي القدم ومن قيل للجارية إذا قاربت البلوغ وخرج ثديها تكعبت وسمي البيت الحرام لأن الله تعالى حرمه وعظم حرمته قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض (قياماص للناس) قرأ ابن عامر (قيما) بلا ألف والآخرون قياما بالألف أي قواما لهم في أمر دينهم ودنياهم أما الدين لأن به يقوم الحج والمناسك وأما الدنيا فيما يجبي إليه من الثمرات وكانوا يأمنون فيه من النهار والغارة فلا يتعرض لهم أحد في الحرام قال الله تعالى (أولم إنا جعلنا حرما أمنا ويتخطف الناس من حولهم) (والشهر الحرام) أراد به الأشهر الحرم وهي ذو العقدة وذو الحجة والمحرم ورجب أراد أنه جعل الأشهر الحرم قياما للناس يؤمنون فيها القتال (والهدي والقلائد) أراد أنهم كانوا يؤمنون بتقليد الهدي فذلك القوام فيه (ذلك لتعلموا ان الله ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم) فإن قيل أي اتصال لهذا الكلام بما قبله وقيل أراد أن الله عز وجل جعل الكعبة قياما للناس لأنه الله تعالى يعلم صلاح العباد كما يعلم ما في السماوات وما في الأرض وقال الزجاج قد سبق في هذه السورة الإخبار عن الغيوب والكشف عن الأسرار مثل قوله (سمعون للكذب سمعون لقوم آخرين) ومثل إخباره بتحريفهم الكتب ونحو ذلك فقوله (ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض) راجع إليه سورة المائدة (98) وقوله عز وجل (اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم)
(٦٨)