تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٧٠
سورة المائدة (102 103) عنه فعاد مرتين أو ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤمنك أن أقول نعم والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم فاتركوني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم عل أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه فأنزل الله سبحانه وتعالى (يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدى لكم تسوؤكم) أي أن تظهر لكم تسوؤكم أي إن أمرتم بالعمل بها فإن من سئل عن الحج لم يؤمن أن يؤمر به في كل عام فيسوءه ومن سأل عن نسبه لم يؤمن من أن يلحقه بغيره فيفتضح وقال مجاهد نزلت حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البحيرة والسائبه والوصيلة والحام إلا تراه ذكره بعد ذلك (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدى لكم) معناه صبرتم حتى ينزل القرآن بحكم من فرض أو نهى أو حكم وليس في ظاهره شرح ما بكم إليه حاجة ومست جاحتكم إليه فإذا سألتم عنها حين إذن تبدى لكم (عفى الله عنها والله غفور رحيم) سورة المائدة 102 (قد سألها قوم من قبلكم) كما سألت ثمود صالحا الناقة وسأل قوم عيسى المائدة (ثم أصبحوا بها كافرين) فأهلكوا قال أبو ثعلبة الخشني إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ونهى عن أشياء فلا تنكحوها وحد حدودا فلا تعتدوها وعفا عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها سورة المائدة 103 (ما جعل الله من بحيرة) أي ما أنزل الله ولا أمر به (ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) قال ابن عباس في بيان هذه الأوضاع البحيرة هي الناقة التي كانت إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها أي شفوها وتركوا الحمل عليها ولم يركبوها ولم يجزوا وبرها ولم يمنعوها الماء والكلأ ثم نظروا إلا خامس ولدها فإن كان ذكر نحروه وأكله الرجال والنساء وإن كان أنثى تحروا أذنها أي شقوها وتركوها وحرم على النساء لبنها ومنافعها وكانت منافعها خاصة بالرجال فإذا ماتت حلت للرجال والنساء وقيل كانت الناقة إذا تابعت إتنتي عشرة سنة إناثا سيبت فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف فما نتجت بعد ذلم من أنثى شق أذنها ثم خلي سبيلها مع أمه في الإبل فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها فهي البحيرة بنت السائبة وقال أبو عبيده السائبة البعبير الذي يسيب وذلك أن الرجل من أهل الجاهلية كان إذا مرض أو غاب لهو قريب نذر فقال إن شفاني الله سبحانه وتعالى أو شفي مريضي أو عاد غائبي فناقتي هذه سائبة ثم يسيبها فلا تحبس عن رعي ولا ماء ولا يركبها أحد فكانت بمنزلة البحير وقال علقمة هي العبد يسيب على أن لا ولاء عليه ولا عقل ولا
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»