سورة المائدة (95) محرمين ابتلاهم الله بالصيد وكانت الوحوش تغشى رحالهم من كثرتها فهموا بأخذها فنزلت (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله) ليختبركم الله وفائدة البلوى إظهار المطيع من العاصي وإلا فلا حاجة له إلى البلوى بشيء من الصيد وإنما بعض فقال (بشيء) لأنه ابتلاهم بصيد البر خاصة (تناله أيديكم) يعني الفرخ والبيض وما لا يقدر أن يفر من صغار الصيد (ورماحكم) يعني الكبارمن الصيد (ليعلم الله) ليرى الله لأنه قد علمه (من يخافه بالغيب) أي يخاف الله ولم يره كقوله تعالى (الذين يخشون ربهم بالغيب) أي يخافه فلا يصطاد في حال الاحرام (فمن اعتدى بعد ذلك) أي صاد بعد تحريمه (فله عذاب أليم) روي عن ابن العباس رضي الله عنهما أنه قال يوجع ظهره وبطنه جلدا ويسلب ثيابه سورة المائدة (95) قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) أي محرمون بالحج والعمرة وهو جمع حرام يقال رجل حرام وامرأة حرام وقد يكون من دخول الحرم يقال أحرم الرجل إذا عقد الإحرام وأحرم إذا دخل الحرم نزلت في رجل يقال له أبو اليسر شد على حمار وحش وهو محرم فقتله قوله تعالى (ومن قتله منكم متعمدا) اختلفوا في هذا العمد فقال قوم هو العمد لقتل الصيد مع نسيان الإحرام أما لإذا قتله عمدا وهو ذاكر لإحرامه فلا حكم عليه وأمره إلى الله لأنه أعظم من أن يكون له كفارة هذا قول مجاهد والحسن وقال الآخرون هو أن يعمد المحرم قتل الصيد ذاكرا لإحرامه فعليه الكفارة واختلفوا فيما لو قتله خطأ فذهب أكثر الفقهاء إلى أن العمد أو الخطأ سواء في لزوم الكفارة وقال الزهري على المتعمد بالكتاب وعلى المخطيء بالسنة وقال سعيد بن جبير لا تجب كفارة الصيد بقتل الخطأ بل يختص بالعمد قوله عز وجل (فجزاء مثل) قرأ أهل الكوفة ويعقوب (فجزرا) منون (مثل رفع على البدل من الجزاء وقرأ الآخرون بالإضافة (فجزاء مثل) (ما قتل من النعم) معناه أنه يجب عليه مثل ذلك الصيد من النعم وأراد به ما يقرب من الصيد المقتول شبها من حيث الخلقة لا من خيث القيمة (يحكم به ذوا عدل منكم) أي يحكم بالجزاء رجلان عدلان وينبغي أن يكونا فقيهين ينظران إلى أشبه الأشياء من النعم فيحكمان به وممن ذهب إلى ايجاب المثل من النعم عمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وابن عمر وابن عباس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم حكموا في بلدان مختلفة وأزمان شتى بالمثل من النعم فحكم اكمهم في
(٦٤)