تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٣
سورة هود (2 5) ألا تعبدوا إلا الله أي في ذلك الكتاب أن لا تبعدوا إلا الله ويكن محل أن رفعا وقيل محله خفض تقديره بأ لا تعبوا إلا الله إنني لكم منه أي من الله نذير للعاصين وبشير للمطيعين وأن عطف على الأول استغفروا ربكم ثم توبوا إليه أي ارجعوا إليه بالطاعة قال الفراء ثم هنا بمعنى الواو أي وتوبوا إليه لأن الاستغفار هو التوبة والتوبة هي الاستغفار وقيل أن استغفروا إليه في المستأنف يمتعكم متاعا حسنا يعيشكم عيشا حسنا في خفض ودعة وأمن وسعة قال بعضهم العي الحسن هو الرضى بالميسور والصبر على المقدور إلى أجل مسمى إلى حين الموت ويؤت كل ذي فضل فضلة أي ويؤت كل ذي عمل صلاح في الدنيا أجره وثوابه في الآخرة وقال أبو العالية من كثرت طاعته في الدنيا زادت درجاته في الآخرة في الجنة لأن الدرجات تكون بالاعمال وقال ابن عباس من زادت حسناتة على سيآته دخل الجنة ومن زادت سيآته على حسناته دخل النار ومن استوت حسناته وسياته كان من الأعراف ثم يدخل الجنة بعد وقيل يؤت كل ذي فضل فضله يعني من عمل له عز وجل وفقه الله فيما يستقبل على طاعته وإن تولوا أعرضوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير وهو يوم القيامة إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير قوله تعالى ألا إنهم يثنون صدورهم قال ابن عباس نزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر يلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب وينطوي بقلبه على ما يكره قوله يثنون صدورهم أي يخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة وقال عبد الله بن شداد نلت هذه الآية في بعض المنافقين كان إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وحنى ظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كي لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم وقال قتادة كانوا يحنون صدورهم كي لا يسمعوا كتاب الله تعالى ولا ذكره وقيل كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخي ستره ويحني ظهره ويتغشى بثوبه ويقول هل يعلم الله ما في قلبك وقال السدي يثنون أي يعرضون بقلوبهم من قولهم ثنيت عناني وقيل يعطفون ومنه ثنى الثوب وقرأ ابن
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»