تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٤
وكان الشعبي يحلف: ما فار التنور إلا من ناحية الكوفة. وقال: اتخذ نوح السفينة في جوف مسجد الكوفة. وكان التنور على يمين الداخل مما يلي باب كنده وكان فوران الماء منه علما لنوح عليه السلام. وقال مقاتل: كان ذلك تنور آدم وكان بالشام بموضع يقال له عين وردة. وروي عن ابن عباس: أ نه كان بالهند. والفوران: الغليان. قوله تعالى: (فلنا احمل فيها) أي: في السفينة (من كل زوجين اثنين) الزوجان: كل اثنين لا يستغني أحدهما عن الآخر يقال لكل واحد منهما زوج يقال: زوج خف وزوج نعل والمراد بالزوجين هنا: الذكر والأنثى. قرأ حفص ههنا وفي سورة المؤمنين: (م ن ك ل) بالتنوين أي: من كل صنف زوجين اثنين ذكره تأكيدا وفي القصة: أن نوحا عليه الصلاة والسلام قال: يا رب كيف أحمل من كل زوجين اثنين فحشر الله إليه الوحوش والسباع والهوام والطير فجعل يضرب بيده في كل جنس فسقع الذكر في يده اليمنى والأنثى في يده اليسرى فيحملها في السفينة (وأه ل ك) أي: واحمل أه لك أي: ولدك وعيالك (إلا من سبق عليه القول) بالهلاك يعني امرأته واعلة وابنه كنعان (ومن آمن) يعني: واحمل من آمن بك كما قال الله تعالى: (وما آمن معه إلا قليل) واختلفوا في عددهم قال قتادة وابن جريح ومحمد بن كعب القرظي: لم يكن في السفينة إلا ثمانية نوح وامرأته وثلاثة بنين له سام وحام ويافث ونساؤهم. وقال الأعمش: كانوا سبعة نوح وثلاثة بنين له وثلاث كنائن له. وقال ابن إسحاق: كانوا عشرة سوى نسائهم نوح وبنوه سام وحام ويافث وستة أناس ممن كان آمن به أزواجهم جميعا. وقال مقاتل: كانوا اثنين وسبعين نفرا رجلا وامرأة وبنيه الثلاثة ونسائهم فجميعهم ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان سفينة نوح ثمانون رجلا أحدهم جرهم. قال مقاتل: حمل نوح معه جسد آدم فجعله معترضا بين الرجال والنساء وقصد نوحا جميع الدواب والطيور ليحملها. قال ابن عباس رضي الله عنهما: أول ما حمل نوح الدرة وآخر ما حمل الحمار فلما دخل الحمار ودخل صدره تعلق إبليس بذنبه فلم يستقل رجلاه فجعل نوح يقول ويحك ادخل فنهض فلم تستطع حتى قال نوح: ويحك اد خل وإن كان الشيطان معك كلمت زلت على لسانه فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه فقال له نوح: ما أدخلك علي يا عدو الله قال: ألم تقل ادخل وإن كان الشطيان معك قال: اخرج عني يا عدو الله فقال: مالك بد من أن تحملني معك فكان فيها يزعمون في ظهر الفلك. وروي عن بعضهم: أن الحية والعقرب أتيا نوحا فقالتا: احملنا فقال: إنكما سبب الضر والبلاء فلا أحملكما فقالتا له: احملنا ونحن نضمن لك أن نضر أحدا ذكرك فمن قرأ حين خاف مضرتهما سلام على نوح في العالمين ما ضرتاه. قال الحسن: لم يحمل نوح في السفينة إلا ما يلد ويبيض فأما ما يتولد من الطين من حشرات الأرض كالبق والبعوض والذباب فلم يحمل منها شيء.
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»