تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٢
سورة التوبة (59 60) يخرجون على حين فرقة من الناس قال أبو سعيد وأشهد إني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعته وقال الكلبي قال رجل من المنافقين يقال له أبو الجوط لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم تقسم بالسوية فأنزل الله تعالى (ومنهم من يلمزك في الصدقات) أي يعيبك في أمرها وتفريقها ويطعن عليك فيها يقال لمزهو همزه أي عابه يعني أن المنافقين كانوا يقولون إن محمدا لا يعطي إلا من أحب وقرأ يعقوب (يلمزك) وكذلك يلمزون في الحجرات (ولا تلمزوا) كل ذلك بضم الميم فيهن وقرأ الباقون بكسر الميم فيهن وهما لغتان يلمز ويلمز مثل يحسر ويعكف ويعكف وقال مجاهد يلمزك أي يزورك يعني يختبرك (فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) قيل إن أعطوا كثيرا فرحوا وإن أعطوا قليلا سخطوا 59 (ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله) أي قنعوا بما قسم لهم الله ورسوله (وقالوا حسبنا الله) كافينا الله (سيؤتينا الله من فضله ورسوله) ما نحتاج إليه (إنا إلى الله راغبون) في أن يوسع علينا من فضله فيغنينا عن الصدقة وغيرها من أموال الناس وجواب لو محذوف أي لكان خيرا لهم وأعود عليهم 60 قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) الآية بين الله تعالى في هذه الآية أهل الصدقات وجعلها الثمانية أصناف وروي عن زياد بن الحارث الصدائي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته فأتاه رجل وقال أعطني من الصدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيه هو فجزاها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك قوله (للفقراء والمساكين) فأحد أصناف الصدقة الفقراء والثاني المساكين واختلف العلماء في صفة الفقير والمسكين فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وعكرمة والزهري الفقير الذي لا يسأل والمسكين الذي يسأل وقال ابن عمر ليس الفقير من جمع الدرهم إلى الدرهم والتمرة إلى التمرة ولكن من انقى نفسه وثيابه لا يقدر على شيء يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف فذلك الفقير وقال قتادة الفقير
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»