تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٦
سورة الأنفال (13 16) تستضعفه إن غاب عنه سيده فقام موليا ذليلا فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتله وروى مقسم عن ابن عباس قال كان الذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمرو أخو بني سلمة وكان أبو اليسر رجلا مجموعا وكان العباس رجلا جسيما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي اليسر كيف أسرت العباس قال يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده هيئته كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أعانك عليه ملك كريم 13 (ذلك بأنهم شاقوا الله) خالفوا الله (ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب) 14 (ذلكم) أي هذا العذاب والضرب الذي عجلته لكم أيها الكفار ببدر (فذوقوه) عاجلا (وأن للكافرين) أي واعلموا وأيقنوا أن للكافرين أجلا في المعاد (عذاب النار) روى عكرمة عن ابن عباس قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر عليك بالعير ليس دونها شيء فناداه العباس بن وهو أسير في وثاقه لا يصلح لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمه قال لأن الله تعالى وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك 15 قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا) أي مجتمعين متزاحفين بعضكم إلى بعض والتزاحف التداني في القتال والزحف مصدر ولذلك لم يجمع كقولهم قوم عدل ورضا قال الليث الزحف جماعة يزحفون إلى عدو لهم بمرة فهم الزحف والجمع الزحوف (فلا تولوهم الأدبار) يقول فلا تولوهم ظهوركم أي لا تنهزموا فإن المنهزم يولي دبره 16 (ومن يولهم يومئذ دبره) ظهره (إلا متحرفا لقتال) أي متعطفا يرى من نفسه ا لانهزام وقصده طلب الغرة وهو يريد الكرة (أو متحيزا إلى فئة) أي منضما صائرا إلى جماعة من المؤمنين يريد العود إلى القتال ومعنى الآية النهي عن الإنهزام من الكفار والتولي عنهم إلا على نية التحرف للقتال والانضمام إلى جماعة من المسلمين ليستعين بهم ويعود إلى القتال فمن ولى ظهره لا على هذه النية لحقه الوعيد كما قال تعالى (فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) اختلف العلماء في هذه الآية فقال أبو سعيد الخدري هذا في أهل بدر خاصة ما كان يجوز لهم الانهزام
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»