تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٦٢
سورة الأعراف (45 46) تفسير البغوي ج 2 / محيي الدين البغوي (الذين يصدون) أي يصرفون الناس (عن سبيل الله) طاعة الله (ويبغونها عوجا) أي يطلبونها زيغا وميلا أي يبطلون سبيل الله جائرين قال ابن عباس يصلون لغير الله يعظون ما لم يعظمه الله والعوج بكسر العين في الدين والأمر والأرض وكل ما لم يكن قائما وبالفتح في كل ما كان قائما كالحائط والرمح ونحوهما (وهم بالآخرة كافرون) (وبينهما حجاب) يعني بين الجنة والنار وقيل بين أهل النار حجاب وهو السور الذي ذكر الله في قوله (فضرب بينهم بسور له باب) قال تعالى (وعلى الأعراف رجال) هي ذلك السور الذي بين الجنة والنار وهي جمع عرف وهو اسم للمكان المرتفع ومنه عرف الديك لارتفاعه على ما سواه من جسده وقال السدي سمي ذلك السور أعرافا لأن أصحابه يعرفون الناس واختلفوا في الرجال الذين أخبر الله عنهم أنهم على الأعراف فقال حذيفة وابن عباس هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار فوقفوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته وهم آخر من يدخل الجنة أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ثنا محمد بن يعقوب الكسائي ثنا عبد الله بن محمود ثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ثنا عبد الله بن المبارك عن أبي بكر الهذلي قال قال سعيد بن جبير يحدث عن ابن مسعود قال يحاسب الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار ثم قرأ قوله (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم) ثم قال إن الميزان يخف بمثقال حبة أو يرجح قال من استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا سلام عليكم وإذا صرفوا أبصارهم إلى أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نورا يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ويعطي كل يومئذ نورا فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا ربنا أتمم لنا نورنا فأما أصحاب الأعراف فإن النور من بين أيديهم فهنالك يقول الله (لم يدخلوها وهم يطمعون) وكان الطمع للنور الذي بين أيديهم ثم أدخلوا الجنة وكانوا آخر أهل الجنة دخولا وقال شرحبيل بن سعد أصحاب الأعراف قوم خرجوا في الغزو بغير إذن آبائهم ورواه مقاتل في تفسيره مرفوعا هم رجال غزوا في سبيل الله عصاة لآبائهم فقتلوا فأعتقوا من النار بقتلهم في سبيل الله وحبسوا عن الجنة بمعصية آبائهم فهم آخر من يدخل الجنة وروي عن مجاهد أنهم أقوام رضي عنهم
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»