(فالتقطته آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) ثم بين الوسوسة فقال (وقال) إبليس لآدم وحواء (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين) يعني إلا كراهية أن تكونا من الملائكة يعلمان الخير والشر (أو تكونا من الخالدين) من الباقين الذين لا يموتون كما قال في موضع آخر (هل أدلك على شجرة الخلد) سورة الأعراف (21 22) تفسير البغوي ج 2 / محيي الدين البغوي (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) أي وأقسم وحلف لهما وهذا من المفاعلة التي تختص بالواحد وقال قتادة حلف لهما بالله حتى خدعهما وقد يخدع المؤمن بالله فقال إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما فاتباعاني أرشدكما وإبليس أول من حلف بالله كاذبا فلما حلف ظن آدم أن أحدا لا يحلف بالله إلا صادقا فاغتر به (فدلاهما بغرور) أي خدعهما يقال ما زال إبليس يدل فلانا بالغرور يعني ما زال يخدعه ويكلمه بزخرف باطل من القول وقيل حكهما من منزلة الطاعة إلى حالة المعصية ولا يكون التدلي إلا من علو إلى أسفل والتدلية إرسال الدلو في البئر يقال تدلى بنفسه ودعا غيره قال الأزهري أصله من تدلية العطشان البئر ليروي من الماء ولا يجد الماء فيكون تدلي بالغرور عن إظهار النصح مع إبطان الغش (فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما) قال الكلبي فلما أكلا منها وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال قبل أن ازدردا أخذتهما العقوبة والعقوبة إن بدت ظهرت لهما سوآتهما عوراتهما وتهافت لباسهما حتى أبصر كل واحد منهما ما ووري عنه من عورة صاحبه وكان لا يريان ذلك قال وهب كان لباسهما من النور وقال قتادة كان ظفرا ألبسهما الله من الظفر لباسا فلما وقعا في الذنب بدت لهما سوءاتهما فاستحيا (وطفقا) أقبلا وجعلا (يخصفان) يرقعان ويلزقان ويصلان (عليهما من ورق الجنة) وهو ورق التين حتى صار كهيئة الثوب قال الزجاج يجعلان ورقة على ورقة ليستروا سوآتهما وروي عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آدم رجلا طوالا كأنه نخلة سحوق كثير شعر الرأس فلما وقع في الخطيئة بدت له سوأته وكان لا يراها فانطلق هاربا في الجنة فعرضت له شجرة من شجر الجنة فحبسته بشعره فقال لها أرسليني قال لست بمرسلتك فناداه ربه يا آدم أتفر مني قال لا يا رب ولكن استحييتك (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة)
(١٥٣)