تفسير البغوي - البغوي - ج ٢ - الصفحة ١٢٢
اعتداء وظلما (بغير علم) قرأ يعقوب (عدوا) بضم العين والدال وتشديد الواو فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه (لا تسبوا ربكم) فأمسك المسلمون عن سبب آلهتهم وظاهر الآية وإن كان نهيا عن سب الأصنام فحقيقته النهي عن سب الله تعالى لأنه سبب لذلك و (كذلك زينا لكل أمة عملهم) أي كما زينا لهؤلاء المشركين عبادة الأصنام وطاعة الشيطان بالحرمان والخذلان كذلك زينا لكل أمة عملهم من الخير والشر والطاعة والمعصية (ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم) ويجازيهم بما كانوا يعملون سورة الأنعام (109) قوله عز وجل (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) الآية قال محمد بن كعب القرظي والكلبي قالت قريش يا محمد إنك تخبرنا أن موسى عليه السلام كان معه عصا يضرب بها الحجر فينفجر منه الماء اثنتا عشرة عينا وتخبرنا أن عيسى عليه السلام كان يحي الموتى فأتنا من الآيات حتى نصدقك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي شيء تحبون قالوا تجعل لنا الصفا ذهبا وابعث لنا بعض موتانا حتى نسأله عنك أحق ما تقول أم باطل وأرنا الملائكة يشهدون لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن فعلت بعض ما تقولون أتصدقوني قالوا نعم والله لئن فعلت لنتبعك أجمعون وسأل المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلها عليهم حتى يؤمنوا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا الله أن يجعل الصفا ذهبا فجاءه جبريل عليه السلام فقال له ما شئت إن شئت أصبح ذهبا ولكن إن لم يصدقوا عذبتهم وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يتوب تائبهم فأنزل الله عز وجل (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) أي حلفوا بالله جهد أيمانهم أي بجهد أيمانهم يعني أؤكد ما قدروا عليه من الأيمان وأشدها قال الكلبي وجاهد إذا حلف الرجل بالله فهو جهد يمينه (لئن جاءتهم آية) كما جاءت من قبلهم من الأمم (ليؤمنن بها قل) يا محمد (إنما الآيات عند الله) والله قادر على إنزالها (وما يشعركم) وما يدريكم واختلفوا في المخاطبين بقوله (وما يشعركم) فقال بعضهم الخطاب للمشركين الذين أقسموا وقال بعضهم الخطاب للمؤمنين وقوله تعالى (أنها إذا جاءت لا يؤمنون) قرأ ابن كثير وأهل البصرة وأبو بكر عن عاصم (إنها) بكسر الألف على الابتداء وقالوا ثم الكلام عند قوله (وما يشعركم) ثم من جعل الخطاب للمشركين قال معناه وما يشعركم أيها المشركون أنها لو جاءت آمنتم ومن جعل الخطاب للمؤمنين قال معناه وما يشعركم أيها المؤمنون أنها لو جاءت أمنوا لأن المسلمين كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعوا الله حتى يريهم ما اقترحوا حتى يؤمنوا فخاطبهم بقوله (وما يشعركم) ثم ابتدأ فقال جل ذكره (أنها جاءت لا يؤمنون) وهذا في قوم مخصوصين حكم الله
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»