سورة النساء 117 119 بالله شيئا منذ عرفته وآمنت به ولم أتخذ من دونه وليا ولم أواقع المعاصي جرأة على الله وما توهمت طرفة عين أني أعجز الله هربا وإني لنادم تائب مستغفر فماذا حالي فأنزل الله تعالى هذه الآية 117 قوله تعالى (إن يدعون من دونه إلا إناثا) نزلت في أهل مكة أي ما يعبدون كقوله تعالى (وقال ربكم ادعوني) أي اعبدوني بدليل قوله تعالى (إن الذين يستكبرون عن عبادتي) قوله (من دونه) أي من دون الله (إلا إناثا) أراد بالإناث الأوثان لأنهم كانوا يسمونها باسم الإناث فيقولون اللات والعزى ومناة وكانوا يقولون لصنم كل قبيلة أنثى بني فلان فكان في كل واحدة منهن شيطان يتراءى للسدنة والكهنة ويكلمهم ولذلك قال (وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) هذا قول أكثر المفسرين يدل على صحة التأويل وأن المراد بالإناث الأوثان قراءة ابن عباس رضي الله عنه (إن يدعون من دونه إلا اثنا) جمع الوثن فصير الواو همزة وقال الحسن وقتادة إلا إناثا أي مواتا لا روح فيه لأن أصنامهم كانت من الجمادات سماها إناثا لأنه يخبر عن الموات كما يخبر عن الإناث ولأن الإناث أدون الجنسين كما أن الموات أرذل الحيوان وقال الضحاك أراد بالإناث الملائكة وكان بعضهم يعبدون الملائكة ويقولون الملائكة إناث كما قال الله تعالى (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) أي وما يعبدون إلا شيطانا مريدا لأنهم إذا عبدوا الأصنام فقد أطاعوا الشيطان والمريد المارد وهو المتمرد العاتي الخارج عن الطاعة وأراد إبليس 118 (لعنه الله) أي أبعده الله من رحمته (وقال) يعني قال إبليس (لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا) أي حقا معلوما فما أطيع فيه إبليس فهو مفروضه وفي بعض التفاسير من كل ألف واحد لله تعالى وتسعمائة وتسعة وتسعون لإبليس وأصل الفرض في اللغة القطع ومنه الفرصة في النهر وهي الثلمة تكون فيه وفرض القوس والشرك للشق الذي يكون فيه الوتر والخيط الذي يشد به الشراك 119 (ولأضلنهم) يعني عن الحق أي لأغوينهم بقوله إبليس وأراد به التزيين وإلا فليس إليه من الإضلال شيء كما قال (لأزينن لهم في الأرض) (ولأمنينهم) قيل أمنينهم ركوب الأهواء وقيل أمنينهم أن لا جنة ولا نار ولا بعث وقيل أمنينهم إدراك الآخرة مع ركوب المعاصي (ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) قال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن
(٤٨١)