تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٨٦
سورة النساء 128 128 قوله تعالى (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) الآية نزلت في عمرة ويقال في خولة بنت محمد بن مسلمة وفي زوجها سعيد بن الربيع ويقال رافع بن خديج تزوجها وهي شابة فلما علاها الكبر تزوج عليها امرأة شابة وآثرها عليها وجفا ابنة محمد بن سلمة فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه فنزلت فيها هذه الآية وقال سعيد بن جبير كان رجل له امرأة قد كبرت وله منها أولاد فأراد أن يطلقها ويتزوج عليها غيرها فقالت لا تطلقني ودعني أقوم على أولادي وأقسم لي من كل شهرين إن شئت وإن شئت فلا تقسم لي فقال إن كان يصلح ذلك فهو أحب إلي فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فأنزل الله تعالى (وإن امرأة خافت) أي علمت (من بعلها) أي من زوجها (نشوزا) أي بغضا قال الكلبي يعني ترك مضاجعتها أو إعراضا بوجهه عنها وقلة مجالستها (فلا جناح عليهما) أي على الزوج والمرأة (أن يصلحا) أي يتصالحا وقرأ أهل الكوفة (أن يصلحا) من الإصلاح (بينهما صلحا) يعني في القسم والنفقة وهو أن يقول الزوج لها إنك قد دخلت في السن وإني أريد أن أتزوج امرأة شابة جميلة أوثرها عليك في القسمة ليلا ونهارا فإن رضيت بهذا فأقيمي وإن كرهت خليت سبيلك فإن رضيت كانت هي المحسنة ولا تجبر على ذلك وإن لم ترض بدون حقها كان على الزوج أن يوفيها حقها من القسم والنفقة أو يسرحها بإحسان فإن أمسكها ووفاها حقها مع كراهية فهو محسن وقال سليمان بن يسار في هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما فإن صالحته عن بعض حقها من القسم والنفقة فذلك جائز ما رضيت فإن أنكرته بعد الصلح فذلك لها ولها حقها وقال مقاتل بن حيان في هذه الآية هو أن الرجل يكون تحته المرأة الكبيرة فيتزوج عليها الشابة فيقول للكبيرة أعطيتك من مالي نصيبا على أن أقسم لهذه الشابة أكثر مما أقسم لك فترضى بما اصطلحا عليه فإن أبت أن ترضى فعليه أن يعدل بينهما في القسم وعن علي رضي الله عنه في هذه الآية قال تكون المرأة عند الرجل فتنبو عينه عنها من دمامة أو كبر فتكره فرقته فإن أعطته من مالها فهو له حل وإن أعطته من أيامها فهو حل له (والصلح خير) يعني إقامتها بعد تخييره إياها والمصالحة على ترك بعض حقها من القسم والنفقة خير من الفرقة كما يروى أن سودة رضي الله عنها كانت امرأة كبيرة وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يفارقها فقالت لا تطلقني وكفاني أن أبعث في نسائك وقد جعلت نوبتي لعائشة رضي الله عنها فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة رضي الله عنها قوله تبارك وتعالى (وأحضرت الأنفش
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»