تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٦٦
سورة النساء 94 ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه \ فبايعناه على ذلك 94 قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا) الآية قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما نزلت هذه الآية في رجل من بني مرة بن عوف يقال له مرداس بن نهيك وكان من أهل فدك مسلما لم يسلم من قومه غيره فسمعوا بسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم تريدهم وكان على السرية رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي فهربوا وأقام الرجل لأنه كان على دين المسلمين فلما رأى الخيل خاف أن يكونوا من غير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد هو إلى الجبل فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبرون فلما سمع التكبير عرف أنهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكبر ونزل وهو يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فتغشاه أسامة بن زيد بسيفه فقتله واستاق غنمه ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وجدا شديدا وكان قد سبقهم قبل ذلك الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ أقتلتموه إرادة ما معه \ ثم قرأ هذه الآية على أسامة بن زيد فقال يا رسول الله استغفر لي فقال فكيف بلا إله إلا الله قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال أسامة فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيدها حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر لي بعد ثلاث مرات وقال \ اعتق رقبة \ وروى أبو ظبيان عن أسامة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إنما قال خوفا من السلاح قال \ أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها خوفا أم لا \ وقال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومعه غنم له فسلم عليهم قالوا ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم فقاموا وقتلوه وأخذوا غنمه فأتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله) يعني إذا سافرتم في سبيل الله يعني الجهاد (فتبينوا) قرأ حمزة والكسائي ههنا في موضعين وفي سورة الحجرات بالتاء والثاء من التثبيت أي قفوا حتى تعرفوا المؤمن من الكافر وقرأ الآخرون بالياء والنون من التبين يقال تبينت الأمر إذا تأملته (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) هذا قرأ أهل المدينة وابن عامر وحمزة أي المعاذة وهو قول لا إله إلا الله محمد رسول الله وقرأ الآخرون السلام وهو السلام الذي هو تحية المسلمين لأنه كان قد سلم عليهم وقيل السلم والسلام واحد أي لا تقولوا لمن سلم عليكم لست مؤمنا فذلك
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»