تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٦٩
سورة النساء 97 98 فرض على الكفاية فإن لم يقع الكفاية بمن نزل بهم يجب على من بعد منهم من المسلمين عونهم وإن وقعت الكفاية بالنازلين بهم فلا فرض على الأبعدين إلا على طريق الاختيار ولا يدخل في هذا القسم العبيد والفقراء ومن هذا القبيل أن يكون الكفار قادرين في بلادهم فعلى الإمام أن لا يخلي كل سنة عن غزوة يغزوها بنفسه أو بسراياه حتى لا يكون الجهاد معطلا والاختيار للمطيق الاجتهاد مع وقوع الكفاية بغيره أن لا يقعد عن الجهاد ولكن لا يفترض لأن الله تعالى وعد المجاهدين والقاعدين الثواب في هذه الآية فقال (وكلا وعد الله الحسنى) فلو كان فرضا على الكافة لاستحق القاعد العقاب لا الثواب 97 قوله تعالى (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) الآية نزلت في ناس من أ ل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا منهم قيس بن الفاكه بن المغيرة وقيس بن الوليد بن المغيرة وأشباههما فلما خرج المشركون إلى بدر خرجوا معهم فقتلوا مع الكفار فقال الله تعالى (إن الذين توفاهم الملائكة) أراد به ملك الموت وأعوانه أو أراد ملك الموت وحده كما قال تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) والعرب قد تخاطب الواحد بلفظ الجمع (ظالمي أنفسهم) بالشرك وهو نصب على الحال أي في حال ظلمهم قيل أي المقام في دار الشرك لأن الله تعالى لم يقبل الإسلام بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالهجرة ثم نسخ بعد فتح مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ لا هجرة بعد الفتح \ وهؤلاء قتلوا يوم بدر وضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم وقالوا لهم فيما كنتم فذلك قوله تعالى (قالوا فيم كنتم) أي في ماذا كنتم أو في أي الفريقين كنتم أفي المسلمين أم في المشركين سؤال توبيخ وتعيير فاعتذروا بالضعف عن مقاومة أهل الشرك (قالوا كنا مستضعفين) عاجزين (في الأرض) يعني أرض مكة (قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) يعني إلى المدينة وتخرجوا من مكة من بين أهل الشرك فأكذبهم الله تعالى وأعلمنا بكذبهم وقال (فأولئك مأواهم) منزلهم (جهنم وساءت مصيرا) أي بئس المصير إلى جهنم ثم استثنى أهل العذر منهم فقال 98 (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة) لا يقدرون على حيلة ولا على نفقة
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»