تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٥٥
سورة النساء 80 81 عند الله) أي الخصب والجدب والنصر والهزيمة كلها من عند الله وقوله (فمن نفسك) أي وما أصابك من سيئة من الله فبذنب نفسك عقوبة لك كما قال الله تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) يدل عليهما ما روى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ (وما أصابك من سيئة فمن نفسك) وأنا كتبتها عليك وقال بعضهم هذه الآية متصلة بما قبلها والقول فيه مضمر تقديره فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا يقولون (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) (قل كل من عند الله) (وأرسلناك) يا محمد (للناس رسولا وكفى بالله شهيدا) على إرسالك وصدقك وقيل كفى بالله شهيدا على أن الحسنة والسيئة كلها من الله تعالى 80 قوله تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول \ من أطاعني فقد أطاع الله ومن أحبني فقد أحب الله \ فقال بعض المنافقين ما يريد هذا الرجل إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى بن مريم ربا فأنزل الله تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله) أي من يطع الرسول فيما أمر به فقد أطاع الله (ومن تولى) عن طاعته (فما أرسلناك) يا محمد (عليهم حفيظا) أي حافظا ورقيبا على كل أمورهم وقيل نسخ الله عز وجل هذا بآية السيف وأمره بقتال من خالف الله ورسوله 81 (ويقولون طاعة) يعني المنافقين يقول باللسان للرسول صلى الله عليه وسلم إنا آمنا بك فمرنا فأمرك طاعة قال النحويون أي أمرنا وشأننا أن نطيعك (فإذا برزوا) خرجوا (من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول) قال قتادة والكلبي بيت أي غير وبدل الذي عهد إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ويكون التبيين بمعنى التبديل وقال أبو عبيدة والقتيبي معناه قالوا وقدروا ليلا غير ما أعطوك نهارا وكل ما قدر بليل فهو مبيت وقال أبو الحسن الأخفش تقول العرب للشيء إذا قدر بيت يشبهونه بتقدير بيوت الشعر (والله يكتب) أي يثبت ويحفظ (ما يبيتون) ما يزورون ويغيرون ويقدرون وقال الضحاك عن ابن عباس يعني ما يسرون من النفاق (فأعرض عنهم) يا محمد ولا تعاقبهم وقيل لا تخبر بأسمائهم منع الرسول صلى الله عليه وسلم من الإخبار بأسماء المنافقين (وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) أي اتخذوه وكيلا وكفى بالله وكيلا وناصرا
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»