تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٩٥
يكون بلوغا لأنه يمكن الوقوف على مواليد المسلمين بالرجوع إلى آبائهم وفي الكفار لا يوقف على مواليدهم ولا يقبل قول آبائهم فيه لكفرهم فجعل الإنبات فيه لكفرهم فجعل الإنبات الذي هو أمارة البلوغ بلوغا في حقهم أما ما يختص بالنساء فالحيض والحبل فإذا حاضت المرأة بعد استكمال تسع سنين يحكم ببلوغها وكذلك إذا ولدت يحكم ببلوغها قبل الوضع بستة اشهر لأنها أقل مدة الحمل وأما الرشد فهو أن يكون مصلحا في دينه وماله والصلاح في الدين هو أن يكون مجتنبا عن الفواحش والمعاصي التي تسقط العدالة والصلاح في المال هو أن لا يكون مبذرا والتبذير هو أن ينفق ماله فيما لا يكون فيه محمدة دنيوية ولا مثوبة أخروية أو لا يحسن التصرف فيها فيغبن في البيوع فإذا بلغ الصبي وهو مفسد في دينه وغير مصلح لماله دام الحجر عليه ولا يدفع إليه المال ولا ينفذ تصرفه وعند أبي حنيفة رضي الله عنه إذا كان مصلحا لماله زال الحجر عنه وإن كان مفسدا في دنيه وإذا كان مفسدا لماله قال لا يدفع إليه المال حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة غير أن تصرفه يكون نافذا قبله والقرآن حجة لمن استدام الحجر عليه لأن الله تعالى قال (حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) أمر بدفع المال إليهم بعد البلوغ وإيناس الرشد والفاسق لا يكون رشيدا وبعد بلوغه خمسا وعشرين سنة وهو مفسد لماله بالاتفاق غير رشيد فوجب أن لا يجوز دفع المال إليه قبل بلوغ هذا السن وإذا بلغ وأونس منه الرشد زال الحجر عنه ودفع إليه المال رجلا كان أو امرأة تزوج أو لم يتزوج وعند مالك رحمه الله تعالى إن كانت امرأة لا يدفع المال إليها مالم تتزوج فإذا تزوجت دفع إليها ولكن لا ينفذ تصرفها إلا بإذن الزوج مالم تكبر وتجرب وإذا بلغ الصبي رشيدا وزال الحجر عنه ثم عاد سفيها نظر فإن عاد مبذرا لماله حجر عليه وإن عاد مفسدا في دينه فعلى وجهين أحدهما يعاد الحجر عليه كما يستدام الحجر عليه إذا بلغ بهذه الصفة والثاني لا يعاد لأن حكم الدوام أقوى من حكم الابتداء وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا حجر على الحر العاقل البالغ بحال والدليل على إثبات الحجر من اتفاق الصحابة رضي الله عنهم ما روي عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن جعفر ابتاع أرضا سبخة بستين ألف درهم فقال علي لآتين عثمان فلأحجرن عليك فاتى ابن جعفر الزبير فأعلمه بذلك فقال الزبير أنا شريكه فقال عثمان كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير فكان ذلك اتفاقا منهم على جواز الحجر حتى احتال الزبير في دفعه قوله تعالى (ولا تأكلوها) يا معشر الأولياء (إسرافا) بغير حق (وبدارا) أي مبادرة (أن يكبروا) و (أن) في محل النصب يعني لا تبادروا كبرهم ورشدهم حذرا من أن يبلغوا فيلزمكم تسليمها إليهم ثم بين ما يحل لهم ومن مالهم فقال (ومن كان غنيا فليستعفف) أي ليمتنع من مال اليتيم فلا يرزؤه قليلا ولا كثيرا والعفة الامتناع مما لا يحل (ومن كان فقيرا) محتاجا إلى مال اليتيم وهو يحفظه ويتعهده (فليأكل بالمعروف) أخبرنا محمد بن الحسن المروزي أخبرنا أبو سهل محمد بن عمر السنجري أخبرنا الإمام أبو سليمان الخطابي أخبرنا أبو بكر داسة التمار أخبرنا أبو داود السجستاني أخبرنا حميد بن مسعدة أن خالد بن الحارث حدثهم أخبرنا حسين يعني المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»