تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٩٠
سورة النساء 2 3 2 قوله تعالى (وآتوا اليتامى أموالهم) قال مقاتل والكلبي نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ يتيم فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية فلما سمع العم قال أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع إليه ماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ من يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فإنه يحل داره \ يعني جنته فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ ثبت الأجر وبقي الوزر \ فقالوا كيف بقي الوزر فقال \ ثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده \ وقوله (وآتوا) خطاب لأولياء الأوصياء واليتامى جمع يتيم واليتيم اسم لصغير لا أب له ولا جد وإنما يدفع المال إليهم بعد البلوغ وسماهم يتامى ههنا على معنى أنهم كانوا يتامى (ولا تتبدلوا) لا تستبدلوا (الخبيث بالطب) أي مالهم الذي هو حرام عليكم بالحلال من أموالكم واختلفوا في هذا التبديل قال سعيد بن المسيب والنخعي والزهري والسدي كان أولياء اليتامى يأخذون الجيد من مال اليتيم ويجعلونه مكان الرديء فربما كان أحد يأخذ الشاة السمينة من مال اليتيم ويجعل مكانها المهزولة ويأخذ الدرهم الجيد ويجعل مكانه الزيف ويقول درهم بدرهم فنهوا عن ذلك وقيل كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان ويأخذ الأكبر الميراث فنصيبه من الميراث طيب وهذا الذي يأخذه من نصيب غيره خبيث وقال مجاهد لا تتعجل الرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) أي مع أموالكم كقوله تعالى (من أنصاري إلى الله) أي مع الله (إنه كان حوبا كبيرا) إثما عظيما 3 وقوله تعالى (وإن خفتم إلا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) اختلفوا في تأويلهم فقال بعضهم معناه إن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا فيهن إذا نكحتموهن فانكحوا غيرهن من الغرائب مثنى وثلاث ورباع أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري قال كان عروة بن الزبير يحدث أنه سأل عائشة رضي الله عنها (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) قالت هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق وأمروا بنكاح من سواهن من النساء قالت عائشة رضي الله عنها ثم استفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن) إلى قوله تعالى (وترغبون أن تنكحوهن) فبين الله تعالى في هذه الآية أن اليتيمة
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»