تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٩٣
سورة النساء 5 تعالى (وضاق بهم ذرعا) وقرئ (عينا) وقيل لفظها واحد ومعناها جمع (فكلوه هنيئا مريئا) سائغا طيبا يقال عنأني الطعام يهنئني بفتح النون في الماضي وكسرها في الغابر وقيل الهنيء الطيب المساغ الذي لا ينغصه شيء والمريء المحمود العاقبة التام الهضم الذي لا يضر قرأ أبو جعفر (هنيئا مريا) بتشديد الياء فيهما من غير همزة وكذلك (بري) (وبريون) (وبريا) (وكهية) والآخرون يهمزونها 5 قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) اختلفوا في هؤلاء السفهاء فقال قوم هم النساء وقال الضحاك النساء من أسفه السفهاء وقال مجاهد نهى الرجال أن يؤتوا النساء أموالهم وهن سفهاء سواء كن أزواجا أو بنات أو أمهات وقال الآخرون هم الأولاد قال الزهري يقول لا تعط ولدك السفيه مالك الذي هو قيامك بعد الله تعالى فيفسده وقال بعضهم هم النساء والصبيان وقال الحسن هي امرأتك السفيهة وابنتك السفيهة وقال ابن عباس لا تعمد إلى مالك الذي خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك وبنيك فيكونوا هم الذين يقومون عليك ثم تنظر إلى ما في أيديهم ولكن أمفسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في رزقهم ومؤنتهم قال الكلبي إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة وأن ولده سفيه مفسد فلا ينبغي له أن يسلط واحدا منهما على ماله فيفسده وقال سعيد بن جبير وعكرمة هو مال اليتيم يكون عندك يقول لا تؤته إياه وأنفقه عليه حتى يبلغ وإنما أضاف إلى الأولياء فقال (أموالكم) لأنهم قوامها ومدبروها والسفيه الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله هو المستحق الحجر عليه وهو أن يكون مبذرا في ماله أو مفسدا في دينه فقال جل ذكره (ولا تؤتوا السفهاء) أي الجهال بموضع الحق أموالكم التي جعل الله لكم قياما قرأ نافع وابن عامر (قيما) بلا ألف وقرأ الآخرون (قياما) وأصله قواما فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها وهو ملاك الأمر وما يقوم به الأمر وأراد ههنا قوام عيشكم الذي تعشيون به قال الضحاك به يقام الحج والجهاد وأعمال البر وبه فكاك الرقاب من النار (وارزقوهم فيها) أي أطعموهم (واكسوهم) لمن يجب عليكم رزقه ومؤنته وإنما قال (6 فيها) ولم يقل منها لأنه أراد أنهم جعلوا لهم فيها رزقا فإن الرزق من الله العطية من غير حد ومن العباد أجر موقت محدود (وقولوا لهم قولا معروفا) عدة جميلة وقال عطاء إذا ربحت أعطيتك وإن غنمت فلك فيه حظ وقيل هو الدعاء وقال ابن زيد إن لم يكن ممن يجب عليك نفقته فقل له عافانا الله وإياك بارك الله فيك وقيل قولا تطيب به أنفسهم
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»