تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٠٦
سورة النساء 16 16 قوله تعالى (واللذان يأتيانها منكم) يعني الرجل والمرأة والهاء راجعة إلى الفاحشة قرأ ابن كثير (اللذان واللذين وهاتان وهذان) مشددة النون التأكيد ووافقه أهل البصرة في فذانك والآخرون بالتخفيف قال أبو عبيدة خص أبو عمرو فذانك بالتشديد لقلة الحروف في الاسم (فآذوهما) قال عطاء وقتادة يعني فعيروهما باللسان أما خفت الله أما استحيت من الله حيث زنيت قال ابن عباس رضي الله عنهما سبوهما واشتموهما قال ابن عباس هو باللسان واليد يؤذي بالتعيير وضرب النعال فإن قيل ذكر الحبس في الآية الأولى وذكر في هذه الآية الإيذاء فكيف وجه الجمع قيل الآية الأولى في النساء وهذه في الرجال وهو قول مجاهد وقيل الآية الأولى في الثيب وهذه في البكر (فإن تابا) من الفاحشة (وأصلحا) العمل فيما بعد (فأعرضوا عنهما) فلا تؤذوهما (إن الله كان توابا رحيما) وهذا كله كان قبل نزول الحدود فنسخت بالجلد والرجم والجلد في القرآن قال الله تعالى (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) والرجم في السنة أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي أنا أبو إسحق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما اقض يا رسول الله بيننا بكتاب الله وقال الآخر وكان أفقههما أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم قالتكلم قال إن ابني كان عسيفا أي أجيرا على هذا فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد عليك وأما ابنك فعليه جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة هذا أي أمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت فارجمها \ فغدا عليها فاعترفت فرجمها أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال قال عمر رضي الله عنه أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله تعالى آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده وأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله تعالى فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى في كتابه والرجم في كتاب الله تعالى حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف وجملة حد الزنا أن الزاني إذا كان محصنا وهو الذي اجتمعت فيه أربعة أوصاف العقل والبلوغ والحرية والإصابة بالنكاح الصحيح فحده الرجم مسلما كان أو ذميا وهو المراد من الثيب المذكور
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»