تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٢٨
سورة آل عمران 97 الكعبة أفضل فأنزل الله تعالى هذه الآية (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين) 97 (فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) وليس شيء من هذه الفضائل لبيت المقدس واختلف العلماء في قوله تعالى (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة) فقال بعضهم هو أول بيت ظهر على وجه الماء عند خلق السماء والأرض خلقه قبل الأرض بألفي عام وكان زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض من تحته هذا قول عبد الله بن عمر ومجاهد وقتادة والسدي وقال بعضهم هو أول بيت بني في الأرض روي عن علي بن الحسين أن الله تعالى وضع تحت العرش بيتا وهو البيت المعمور فأمر الملائكة أن يطوفوا به ثم أمر الملائكة الذين هم سكان الأرض أن يبنوا في الأرض بيتا على مثاله وقدره فبنوه واسمه الضراح وأمر من في الأرض أن يطوفوا به كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور وروي أن الملائكة بنوه قبل خلق آدم بألفي عام فكانوا يحجونه فلما حجه آدم قالت الملائكة بر حجك يا آدم حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ويروى عن ابن عباس أنه قال أراد به أنه أول بيت بناه آدم في الأرض وقيل هو ألو بيت مبارك وضع هدى للناس يعبد الله فيه ويحج إليه وقيل هو أول بيت جعل قبلة للناس وقال الحسن والكلبي معناه أن أول مسجد ومتعبد وضع للناس يروى ذلك عن علي بن أبي طالب قال الضحاك أول بيت وضع فيه البركة وقيل أول بيت وضع للناس يعبد الله فيه كما قال الله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع) يعني المساجد أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبد الواحد أنا الأعمش أخبرنا إبراهيم بن يزيد التيمي عن أبيه قال سمعت أبا ذر يقول قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا قال المسجد الحرام قلت ثم أي قال المسجد الأقصى قلت كم كان بينهما قال أربعون سنة ثم قال أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فإن الفضل فيه قوله تعالى (للذي ببكة) قال جماعة هي مكة نفسها وهو قول الضحاك والعرب تعاقبت بين الباء والميم فتقول سبد رأسه وسمده وضربة لازب ولازم وقال الآخرون بكة موضع البيت في مكة ومكة اسم البلد كله وقيل بكة موضع البيت والمطاف سميت بكة لأن الناس يتباكون فيها أي يزدحمون يبك بعضها بعضا ويمر بعضهم بين يدي بعض وقال عبد الله بن الزبير سميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة أي تدقها فلم يقصدها جبار بسوء إلا قصمه الله وأما مكة سميت بذلك لقلة مائها من قول العرب مك الفصيل ضرع أمه وأمتكه إذا امتص كل ما فيه من اللبن وتدعى أم رحم لأن الرحمة تنزل بها (مباركا) نصب على الحال أي ذا بركة وهدى للعالمين لأنه قبلة للمؤمنين فيه آيات بينات قرأ ابن عباس (آية بينة) على الواحد
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»