تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٢٩
وأراد مقام إبراهيم وحده وقرأ الآخرون آيات بينات بالجمع فذكر منها مقام إبراهيم وهو الحجر الذي قام عليه إبراهيم وكان أثر قدميه فيه فاندرس من كثرة المسح بالأيدي ومن تلك الآيات في البيت الحجر الأسود والحطيم وزمزم والمشاعر كلها وقيل مقام إبراهيم جميع الحرم ومن الآيات في البيت أن الطير تطير فلا تعلو فوقه وأن الجارحة إذا قصدت صيدا فإذا دخل الصيد الحرم كفت عنه وإنه بلد صدر إليه الأنبياء والمرسلون والأولياء والأبرار وإن الطاعة والصدقة فيها تضاعف بمائة ألف أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو محمد بن الحسن بن أحمد المخلدي أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج أخبرنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري أنا مالك بن أنس عن زيد بن رباح أخبرنا عبد الله بن عبد الله الأعز عن أبي عبد الله الأعمش عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ صلاة في مسجدي هذا أفضل من الف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام \ قوله عز وجل (ومن دخله كان آمنا) من أن يهاج فيه وذلك بدعاء إبراهيم عليه السلام حيث قال رب اجعل هذا البلد آمنا وكانت العرب في الجاهلية يقتل بعضهم بعضا ويغير بعضهم على بعض ومن دخل الحرم أمن من القتل والغارة وهو المراد من الآية على قول الحسن وقتادة وأكثر المفسرين قال الله تعالى (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم) وقيل المراد به أن من دخله عام عمرة القضاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آمنا كما قال تعالى (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) وقيل هو خبر بمعنى الأمر تقديره ومن دخله فأمنوه كقوله تعالى (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) أي لا ترفثوا ولا تفسقوا حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أن من وجب عليه القتل قصاصا أو حدا فالتجأ إلى الحرم فلا يستوفى منه فيه ولكنه لا يطعم ولا يبايع ولا يشاري حتى يخرج منه فيقتل قاله ابن عباس وبه قال أبو حنيفة وذهب قوم إلى أن القتل الواجب بالشرع يستوفى فيه أما إذا ارتكب الجريمة في الحرم فيستوفى فيه عقوبته بالاتفاق وقيل معناه ومن دخله معظما له متقربا إلى الله عز وجل كان آمنا يوم القيامة من العذاب قوله عز وجل (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) أي ولله فرض واجب على الناس حج البيت قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي وحفص (حج البيت) بكسر الحاء في هذا الحرف خاصة وقرأ الآخرون بفتح الحاء وهي لغة أهل الحجاز وهما لغتان فصيحتان ومعناهما واحد والحج أحد أركان الإسلام أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أنا عبد الله بن موسى أنا حنظلة بن أبي سفيان عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج \ قال أهل العلم ولوجوب الحج خمس شرائط الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة فلا يجب على الكافر ولا على المجنون ولو حجا بأنفسهما لا يصح لأن الكافر ليس من أهل القربة ولا حكم لفعل المجنون ولا يجب على الصبي ولا على العبد ولو حج صبي يعقل أو عبد يصح حجهما تطوعا ولكن لا يسقط به فرض الإسلام عنهما فلو بلغ الصبي أو أعتق العبد بعدما حج واجتمع في حقه شرائط وجوب الحج عليه
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»