تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٢٧
سورة آل عمران 94 96 لك إلى ولدك وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي أقبل يعقوب من حران يريد بيت المقدس حين هرب من أخيه عيصو وكانر جلا بطشا قويا فلقيه ملك فظن يعقوب أنه لص فعالجه أن يصرعه فغمز الملك فخذ يعقوب ثم صعد إلى السماء ويعقوب عليه السلام ينظر إليه فهاج به عرق النسا ولقي من ذلك بلاء وشدة وكان لا ينام بالليل من الوجع ويبيت وله زقاء أي صياح فحلف يعقوب لئن شفاه الله أن لا يأكل عرقا ولا طعاما فيه عرق فحرمه على نفسه فكان بنوه بعد ذلك يتبعون العروق ويخرجونها من اللحم وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس لما أصاب يعقوب عرق النس وصف له الأطباء أن يجتنب لحم الإبل فحرمها يعقوب على نفسه وقال الحسن حرم إسرائيل على نفسه لحم الجزور تعبدا لله تعالى فسأل ربه أن يجيز له ذلك فحرمها الله على ولده ثم اختلفوا في هذا الطعام المحرم على بني إسرائيل بعد نزول التوراة فقال السدي حرم الله عليهم في التوراة ما كانوا يحرمونه قبل نزولها وقال عطية إنما كان محرما عليهم بتحريم إسرائيل فإنه قد قال إن عافاني الله لا آكله ولا يأكله ولد لي ولم يكن محرما عليهم في التوراة وقال الكلبي لم يحرمه الله عليهم في التوراة وإنما حرم عليهم بعد التوراة بظلمهم كما قال الله تعالى (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) وقال الله تعالى (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) إلى أن قال (ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون) وكانت بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما حرم الله عليهم طعاما طيبا أو صب عليهم رجزا وهو الموت وقال الضحاك لم يكن شيء من ذلك حراما عليهم ولا حرمه الله في التوراة وإنما حرموه على أنفسهم اتباعا لأبيهم ثم أضافوا تحريمه إلى الله فكذبهم الله عز وجل فقال (قل) يا محمد (فأتوا بالتوراة فاتلوها) حتى يتبين لكم أنه كما قلت (إن كنتم صادقين) فلم يأتوا فقال الله عز وجل 94 (فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون) 95 (قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) وإنما دعاهم إلى اتباع ملة إبراهيم لأن في اتباع ملة إبراهيم اتباعه صلى الله عليه وسلم 96 قوله تعالى (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) سبب نزول هذه الآية أن اليهود قالوا للمسلمين بيت المقدس قبلتنا وهو أفضل من الكعبة وأقدم وهو مهاجر الأنبياء وقال المسلمون في
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»