تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٢٦
سورة آل عمران 93 شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بخ بخ ذلك مال رابح أو قال ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت فيها وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه وروي عن مجاهد قال كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء يوم فتحت فدعا بها فأعجبته فقال عمر إن الله عز وجل يقول (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فأعتقها عمر وعن حمزة بن عبد الله بن عمر قال خطرت على قلب عبد الله بن عمر هذه الآية (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) قال ابن عمر فذكرت ما أعطاني الله عز وجل فما كان شيء أعجب إلي من فلانة هي حرة لوجه الله تعالى قال ولولا أنني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها (وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم) أي يعلمه ويجازي به 93 قوله تعالى (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة) سبب نزول هذه الآية أن اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنك تزعم أنك على ملة إبراهيم وكان إبراهيم لا يأكل لحوم الإبل وألبانها وأنت تأكلها فلست على ملته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ كان ذلك حلالا لإبراهيم عليه السلام \ فقالوا كل ما نحرمه اليوم كان ذلك حراما على نوح وإبراهيم حتى انتهى إلينا فأنزل الله تعالى هذه الآية (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل) يريد سوى الميتة والدم فإنه لم يكن حلالا قط إلا ما حرم إسرائيل على نفسه وهو يعقوب عليه السلام من قبل أن تنزل التوراة يعني ليس الأمر على ما قالوا من حرمة لحوم الإبل وألبانها على إبراهيم بل كان الكل حلالا له ولبني إسرائيل وإنما حرمها إسرائيل على نفسه قبل نزول التوراة يعني ليست في التوراة حرمتها واختلفوا في الطعام الذي حرمه يعقوب على نفسه وفي سببه قال أبو العالية وعطاء ومقاتل والكلبي كان ذلك الطعام لحمان الإبل وألبانها وروي أن يعقوب مرض مرضا شديدا فطال سقمه فندر لئن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها فحرمهما وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك هي العروق وكان السبب في ذلك أنه اشتكى عرق النسا وكان أصل وجعه فيما روى جويبر عن الضحاك أن يعقوب كان نذر إن وهبه الله اثنى عشر ولدا أتى من بيت المقدس صحيحا أن يذبح آخرهم فتلقاه ملك من الملائكة فقال يا يعقوب إنك رجل قوي فهل لك في الصراع فصارعه فلم يصرع واحد منهما صاحبه فغمزه الملك غمزة فعرض له عرق النسا من ذلك ثم قال له الملك أما إني لو شئت أن أصرعك لفعلت ولكن غمزتك هذه الغمزة لأنك كنت نذرت إن أتيت بيت المقدس صحيحا ذبحت آخر ولدك فجعل الله لك بهذه الغمزة من ذلك مخرجا فلما قدمها يعقوب أراد ذبح ولده ونسي ما قال له الملك فأتاه الملك وقال إنما غمزتك للمخرج وقد وفي نذرك فلا سبيل
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»