سورة آل عمران 74 75 تعالى (ولا تؤمنوا) من كلام الله يثبت به قلوب المؤمنين لئلا يشكوا عند تلبيس اليهود وتزويرهم في دينهم ويقول لا تصدقوا يا معشر المؤمنين إلا لمن اتبع دينكم ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم والدين والفضل ولا تصدقوا أن يحاجوكم في دينكم عند ربكم أي يقدروا على ذلك فإن الهدى هدى الله وإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم فتكون الآية كلها خطاب الله للمؤمنين عند تلبيس اليهود لئلا يرتابوا 74 قوله (يختص برحمته) أي بنبوته (من يشاء والله ذو الفضل العظيم) 75 قوله تعالى (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك) الآية نزلت في اليهود أخبر الله تعالى أن فيهم أمانة وخيانة والقنطار عبارة عن المال الكثير والدينار عبارة عن المال القليل يقول منهم من يؤدي الأمانة وإن كثرت ومنهم من لا يؤديها وإن قلت قال مقاتل (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليه) هم مؤمنوا أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه (ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليه) يعني كفار اليهود ككعب بن الأشرف وأصحابه وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله عز وجل (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك) يعني عبد الله بن سلام أودعه رجل ألفا ومائتي أوقية من ذهب فأداها إليه (ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك) يعني فنحاص بن عازوراء استودعه رجل من قريش دينارا فخانه قوله (يؤده إليك) قرأ أبو عمرو وأبو بكر وحمزة (يؤده) و (لا يؤده) و (نصله) و (نؤته) و (نوله) ساكنة الهاء وقرأ أبو جعفر وقالون ويعقوب بالاختلاس كسرا والباقون بالاشباع كسرا فمن سكن الهاء قال لأنها وضعت في موضع الجزم وهو الياء الذاهبة ومن اختلس فاكتفى بالكسرة عن الياء ومن أشبع فعلى الأصل لأن الأصل في الهاء الإشباع (إلا ما دمت عليه قائما) قال ابن عباس ملحا يريد يقوم عليه يطالبه بالإلحاح وقال الضحاك مواظبا أي تواظب عليه بالاقتضاء وقيل أراد أودعته ثم استرجعته وأنت قائم على رأسه ولم تفارقه رده إليك فإن فارقته وأخرته أنكره ولم يؤده (ذلك) أي ذلك الاستحلال والخيانة (بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل) أي في مال العرب إثم وحرج كقوله تعالى (ما على المحسنين من سبيل) وذلك بأن اليهود قالوا أموال العرب حلال لنا لأنهم ليسوا على ديننا ولا حرمة لهم في كتابنا وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم في دينهم وقال الكلبي قالت اليهود إن الأموال كلها كانت لنا
(٣١٧)