قرابة مثل قرابتك، فجلس إليه فقال. يا عم جزيت عني خيرا، يا عم أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع لك بها عند الله يوم القيامة، قال: وما هي يا ابن أخي؟ قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقال: إنك لي ناصح والله لولا أن تعير بها فيقال:
جزع عمك من الموت لأقررت بها عينك، قال: فصاح القوم: يا أبا طالب أنت رأس الحنيفية ملة الأشياخ، فقال: لا تحدث نساء قريش أن عمك جزع عند الموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني، فاستغفر له بعد ما مات، فقال المسلمون ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قراباتنا قد استغفر إبراهيم لأبيه، وهذا محمد صلى الله عليه وسلم يستغفر لعمه، فاستغفروا للمشركين حتى نزل - ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى -.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الحراني، حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم، حدثنا محمد بن يعقوب الأموي، حدثنا الحر بن نصير، حدثنا ابن وهب، أخبرنا ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر في المقابر وخرجنا معه فأخذنا مجلسنا، ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم ارتفع وجئنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم باك، فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ما الذي أبكاك فقد أبكانا وأفزعنا، فجاء فجلس إلينا فقال: أفزعكم بكائي؟ فقلنا: نعم، فقال: إن القبر الذي رأيتموني أناجي فيه قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي فيها واستأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي فيه، ونزل - وما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين - حتى ختم الآية - وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه - فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة، فذلك الذي أبكاني.
* قوله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) قال ابن عباس في رواية.