وقال مجاهد في هذه الآية: هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبي عليه الصلاة والسلام إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها، فاختلف فيهم المؤمنون، فقائل يقول: هم منافقون، وقائل يقول: هم مؤمنون، فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية، وأمر بقتلهم في قوله - فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم فجاءوا ببضائعهم يريدون هلال بن عويمر الأسلمي وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم حلف، وهو الذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى - إلا الذين يصلون إلى قوم - الآية.
* قوله: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) أخبرنا أبو عبد الله ابن أبي إسحاق قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم ابن عبد الله بن حجاج قال: حدثنا حماد قال أخبرنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه أن الحارث بن زيد كان شديدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء وهو يريد الاسلام، فلقيه عياش بن أبي ربيعة والحارث يريد الاسلام وعياش لا يشعر فقتله، فأنزل الله تعالى: - وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ - الآية.
وشرح الكلبي هذه القصة فقال: إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أسلم وخاف أن يظهر إسلامه، فخرج هاربا إلى المدينة فقدمها، ثم أتى أطما من آطامها، فتحصن فيه فجزعت أمه جزعا شديدا وقالت لابنيها أبي جهل والحارث ابن هشام وهما لامه لا يظلني سقف بيت ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تأتوني به، فخرجا في طلبه، وخرج معهم الحارث بن زيد بن أبي أنيسة حتى أتوا المدينة، فأتوا عياشا وهو في الأطم، فقالا له: انزل فإن أمك لم يؤوها سقف بيت بعدك، (8 - أسباب النزول)