قال ابن عباس: قال رسول الله (صلى الله عليه سلم) يوم النضير للأنصار: (إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وتشاركونهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة).
فقالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالقسمة ولا نشاركهم فيها. فأنزل الله سبحانه: * (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) * * (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) *) والشح في كلام العرب: البخل ومنع الفضل، يقال: فلان شحيح من الشح والشح والشحة والشحاحة، قال عمرو بن كلثوم:
ترى اللحز الشحيح إذا أمرت عليه لماله فيها مهينا وفرق العلماء من السلف بينهما.
فأخبرني الحسن بن محمد قال: حدثنا موسى بن محمد بن علي قال: حدثنا إدريس بن عبد الكريم الحداد قال: حدثنا عاصم بن علي بن عاصم، وأخبرنا عبد الخالق قال: حدثنا ابن حبيب قال: حدثنا ابن شاكر قال: حدثنا عاصم بن علي قال: حدثنا المعادي، عن جامع بن شداد، عن أبي الشعثاء قال:
قال رجل لعبد الله بن مسعود: يا أبا عبد الرحمن، إني أخاف أن أكون قد هلكت. قال: وما ذاك؟ قال: سمعت الله سبحانه يقول: " * (ومن يوق شح نفسه) *) وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدي شيء. فقال: ليس ذاك الشح الذي ذكر الله سبحانه في القرآن، ولكن الشح أن تأكل مال أخيك ظلما، ولكن ذلك البخل، وبئس الشيء البخل.
الوالبي علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: " * (ومن يوق شح نفسه) *) قال: يقول: هوى نفسه يتبع هواه فلم يقبل الإيمان.
وقال ابن زيد: من لم يأخذ شيئا لشيء نهاه الله سبحانه ولم يدعه الشح إلى أن يمنع شيئا من شيء أمره الله تعالى به فقد وقاه شح نفسه.
وقال طاووس: البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه، والشح أن يبخل بما في أيدي الناس.
وأخبرني أبي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الله النحوي قال: أخبرنا محمد بن حمدون ابن خالد قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب بن أبي تمام العسقلاني قال: حدثنا سليمان