تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٩١
إذآ ءاتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسئلوا مآ أنفقتم وليسئلوا مآ أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم * وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل مآ أنفقوا واتقوا الله الذىأنتم به مؤمنون) *) 2 " * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) *) نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، وذلك أن سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بعد بدر بسنتين ورسول الله صلى الله عليه وسلم تجهز لفتح مكة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمسلمة جئت؟) قالت: لا، قال: (أمهاجرة جئت؟) قالت: لا، قال: (فما جاء بك؟) قالت: كنتم الأصل والعشيرة والموالي وقد ذهبت موالي واحتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني، فقال لها: (فأين أنت من شباب مكة؟) وكانت مغنية نائحة.
قالت: ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر، فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها بني عبد المطلب وبني المطلب فكسوها وحملوها وأعطوها نفقة، فأتاها حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى فكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير، هذه رواية يادان عن أبن عباس، وقال مقاتل بن حيان: أعطاها عشرة دراهم، قالوا: وكساها بردا علم أن يوصل الكتاب إلى أهل مكة، وكتب في الكتاب: (من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم) فخرجت سارة ونزل جبرائيل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وعمار وعمر والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مريد وكانوا كلهم فرسانا، وقال لهم: (أنطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فأن بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها وخلوا سبيلها، وأن لم تدفعه أليكم فاضربوا عنقها).
قال: فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لها: أين الكتاب؟ فحلفت بالله ما معها من كتاب، فحثوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع فقال عليح والله ما كذبنا ولا كذبنا وسل سيفه وقال: أخرجي الكتاب وإلا والله لا جردنك ولأضربن عنقك. فلما رأت الجد أخرجت من ذؤابتها قد خبأتها في شعرها، فخلوا سبيلها ولم يعترضوا لها ولا لمن معها ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول صلى الله عليه وسلم إلى حاطب فأتاه، فقال له: (هل تعرف الكتاب؟) قال: نعم، قال: (فما حملك على ما صنعت)؟
فقال: يا رسول الله والله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أجبتهم منذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته، وكنت عزيزا فيهم، وكان أهلي بين ظهرانيهم، فخشيت على أهلي فاردت أن أتخذ عندهم يدا، وقد علمت أن الله
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»