فشبه فعل المنافق بفعل اليربوع؛ لأنه يدخل من باب ويخرج من باب، فكذلك المنافق يدخل في الإسلام باللفظ ويخرج منه بالعقد. والنفاق لفظ إسلامي لم يكن يعرفه العرب قبل الإسلام.
" * (يقولون لإخوانهم الذين كفرو من أهل الكتاب) *) وهم بنو قريضة والنضير " * (لئن أخرجتم) *) من دياركم " * (لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا) *) سألنا خذلانكم وخلافكم " * (أبدا ولئن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون لأنتم) *) يا معشر المؤمنين " * (أشد رهبة في صدورهم من الله) *) يقول: يرهبونكم أشد من رهبتهم من الله " * (ذلك بأنهم قوم لا يفقهون لا يقاتلونكم) *) يعني اليهود " * (جميعا إلا في قرى محصنة) *)، ولا يبرزون لكم بالقتال " * (أو من وراء جدر) *).
قرأ ابن عباس ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو: (جدار) بالألف على الواحد.
وروي عن بعض أهل مكة: (جدر) بفتح الجيم وجزم الدال وهي لغة في الجدار.
وقرأ يحيى بن وثاب (جدر)، بضم الجيم وسكون الدال.
وقرأ الباقون بضمهما.
" * (بأسهم بينهم شديد) *) يعني: بعضهم فظ على بعض وبعضهم عدو لبعض، وعداوتهم بعضهم بعضا شديدة.
وقيل: بأسهم فيما بينهم من وراء الحيطان والحصون شديدة، فإذا خرجوا لكم فهم أجبن خلق الله سبحانه.
" * (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) *) متفرقة مختلفة. قال قتادة: أهل الباطل مختلفة أهواؤهم، مختلفة شهاداتهم مختلفة أعمالهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق، وقال مجاهد: أراد أن دين المنافقين يخالف دين اليهود " * (ذلك بأنهم قوم لا يعقلون كمثل الذين من قبلهم) *) يعني مثل هؤلاء كمثل الذين من قبلهم وهم مشركوا مكة. " * (قريبا ذاقوا وبال أمرهم) *) يوم بدر قاله مجاهد، وقال ابن عباس: كمثل الذين من قبلهم يعني بني قينقاع. وقيل: مثل قريظة كمثل بني النضير وكان بينهما سنتان، فربما ذاقوا وبال أمرهم الجلاء والنفي. " * (ولهم عذاب أليم) *).
ثم ضرب مثلا للمنافقين واليهود في تخاذلهم فقال عز من قائل: " * (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر) *) الآية.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا الباقرحي قال: حدثنا الحسن بن علوية قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى قال: حدثنا إسحاق بن بشر قال: حدثنا مقاتل عن عطاء عن ابن عباس وعبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن ابن عباس في قوله سبحانه: " * (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر