إلى مصالح المسلمين بلا خلاف، كما قال صلى الله عليه وسلم (الخمس مردود فيكم).
وهكذا ما خلفه من مال غير موروث عنه، بل هو صدقة تصرف عنه إلى مصالح المسلمين كما قال صلى الله عليه وسلم (إنا لا نورث، ما تركناه صدقة). فكانت صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال الفيء الذي خصه الله سبحانه بها له، ينفق منها على أهله نفقة سنة، فما فضل جعله في الكراع والسلاح في سبيل الله كما ذكر. فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها أبو بكر ح فجعل يفعل بها ما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وليها عمر ح على ما ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فلما استخلف عثمان ولاها علي بن أبي طالب على سبيل التولية وجعله القسيم فيها، يليها على ما وليها رسول الله (عليه السلام) وصاحباه، وبالله التوفيق.
أخبرنا عقيل أن أبا الفرج أخبرهم عن أبي جعفر الطبري قال: حدثنا ابن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قرأ عمر ح. " * (إنما الصدقات للفقراء) *) حتى بلغ " * (عليم حكيم) *) ثم قال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ " * (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه) *) الآية ثم قال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ " * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) *) حتى بلغ " * (للفقراء المهاجرين... والذين تبوأوا... والذين جاءوا من بعدهم) *)، ثم قال: استوعبت هذه المسلمين عامة، فليس أحد إلا له فيها حق. ثم قال: لئن عشت ليأتين الراعي وهو يسير حمره نصيبه منها لم يعرق فيها جبينه.
" * (كي لا يكون دولة) *) قراءة العامة " * (يكون) *) بالياء " * (دولة) *) بالنصب على معنى كي لا يكون الفيء دولة. وقرأ أبو جعفر بالتاء والرفع، أي كي لا تكون الغنيمة أو الأموال، ورفع " * (دولة) *) فاعلا ل (كان)، وجعل الكينونة بمعنى الوقوع، وحينئذ لا خبر له. والقراء كلهم على ضم الدال من ال " * (دولة) *) إلا أبا عبد الرحمن السلمي فإنه فتح دالها.
قال عيسى بن عمر: الحالتان بمعنى واحد. وفرق الآخرون بينهما، فقالوا: الدولة بالفتح الظفر والغلبة في الحرب وغيرها وهي مصدر، والدولة بالضم اسم الشيء الذي يتداوله الناس بينهم مثل العارية، ومعنى الآية: كي لا يكون الفيء دولة بين الرؤساء والأقوياء والأغنياء فيغلبوا عليه الفقراء والضعفاء؛ وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا غنموا غنيمة أخذ الرئيس ربعها