تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٩
جزيرة العرب إلى أذرعات وأريحا من الشام في أيام عمر بن الخطاب ح وعلى بدنه.
وقال قتادة: كان هذا أول الحشر، والحشر الثاني نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، وتأكل منهم من تخلف.
قال يمان بن رباب: إنما قال: " * (لأول الحشر) *)؛ لأن الله سبحانه فتح على نبيه (عليه السلام) في أول ما قاتلهم.
" * (ما ظننتم) *) أيها المؤمنون " * (أن يخرجوا) *) من المدينة " * (وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله) *) حيث دربوها وحصنوها " * (فأتاهم الله) *) أي أمر الله وعدله " * (من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب) *) بقتل سيدهم كعب بن الأشرف.
" * (يخربون) *) قراءة العامة بالتخفيف، من الإخراب، أي يهدمون، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي والحسن البصري وأبو عمرو بن العلاء بالتشديد، من التخريب، وقال أبو عمرو: إنما اخترت التشديد؛ لأن الإخراب ترك الشيء خرابا بغير ساكن، وأن بني النضير لم يتركوا منازلهم فيرتحلوا عنها ولكنهم خربوها بالنقض والهدم.
وقال الآخرون: التخريب والإخراب بمعنى واحد. قال الزهري: ذلك أنهم لما صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن لهم ما أقلت الإبل، كانوا ينظرون إلى الخشبة في منازلهم مما يستحسنونه، أو العمود أو الباب فيهدمون بيوتهم وينزعونها منها ويحملونها على إبلهم ويخرب المؤمنون باقيها.
وقال ابن زيد: كانوا يقتلعون العمد وينقضون السقوف وينقبون الجدران ويقلعون الخشب حتى الأوتاد يخربونها لئلا يسكنها المؤمنون، حسدا منهم وبغضا.
وقال الضحاك: جعل المسلمون كلما هدموا شيئا من حصونهم جعلوا هم ينقضون بيوتهم بأيديهم ويخربونها ثم يبغون ما خرب المسلمون.
وقال ابن عباس: كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها ليتسع لهم المقاتل، وجعل أعداء الله ينقبون دورهم من أدبارهم فيخرجون إلى التي بعدها فيتحصنون فيها ويكسرون ما يليهم منها، ويرمون بالتي خرجوا منها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال قتادة: كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها، ويخربها اليهود من داخلها فذلك قوله سبحانه " * (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين) *).
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»