تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٥
وأما الصدقات، فمصرفها ما ذكر الله سبحانه وتعالى: " * (إنما الصدقات للفقراء) *) الآية وقد مضى البيان عن أهل السهمين.
وأما الغنائم فإنها كانت في بدء الإسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بها ما يشاء، كما قال عز وجل: " * (قل الأنفال لله والرسول) *) ثم نسخ ذلك بقوله: " * (واعلموا أنما غنمتم من شيء) *) الآية: فجعل أربعة أخماسها للغانمين تقسم بينهم.
فأما ما كان من النقود والعروض والأمتعة والثياب والدواب والكراع فإنه يقسم بينهم، ولا يحبس منهم.
وأما العقار، فاختلف الفقهاء فيه، فقال مالك (رحمه الله): للإمام أن يحبس الأراضي عنهم ويجعلها وقفا على مصالح المسلمين.
وقال أبو حنيفة: الإمام مخير بين أن يقسمها بينهم وبين أن يحبسها عنهم ويجعلها وقفا على مصالح المسلمين.
وقال الشافعي ح: ليس للإمام حبسها عنهم بغير رضاهم، وحكمها حكم سائر الأموال. وهو الاختيار؛ لأن الله سبحانه أخرج الخمس منها بعدما أضاف الجميع إليهم بقوله: " * (غنمتم) *) فدل أن الباقي لهم وحقهم. وأما الخمس الباقي فيقسم على خمسه أسهم: سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل.
وأما الفيء فإنه كان يقسم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة وعشرين سهما: أربعة أخماسها، وهي عشرون سهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل بها ما شاء ويحكم فيها ما أراد، والخمس الباقي يقسم على ما يقسم عليه خمس الغنيمة.
وأما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اختلف الفقهاء في الأربعة الأخماس التي كانت له صلى الله عليه وسلم من الفيء.
فقال قوم: إنها تصرف إلى المجاهدين المتصدين للقتال في الثغور، وهو أحد قولي الشافعي ح.
وقال آخرون: تصرف إلى مصالح المسلمين؛ من سد الثغور وحفر الآبار وبناء القناطر ونحوها بدءا بالأهم فالأهم، وهو القول الآخر للشافعي ح.
وأما السهم الذي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خمس الفيء وخمس الغنيمة فإنه يصرف بعده
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»