تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٨
نفسه فأولائك هم المفلحون * والذين جآءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنآ إنك رءوف رحيم) *) 2 " * (للفقراء) *) يعني كي لا يكون ما أفاء الله على رسوله دولة بين الأغنياء منكم، ولكن يكون للفقراء " * (المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) *) في إيمانهم. قال قتادة: هؤلاء المهاجرون الذي تركوا الديار والأموال والأهلين والعشائر وخرجوا حبا لله ولرسوله، واختاروا الإسلام على ما كانت فيهم من شديدة، حتى ذكر لنا أن الرجل يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفرة في الشتاء ماله دثار غيرها.
وروى جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جبير وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزي قالا: كان أناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة يحج عليها ويغزو فنسبهم الله أنهم فقراء، وجعل لهم سهما في الزكاة.
" * (والذين تبوأوا) *): توطنوا " * (الدار) *) اي اتخذوا المدينة دار الإيمان والهجرة، وهم الأنصار أسلموا في ديارهم وبنوا المساجد قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين فأخر الله عليهم البناء. ونظم الآية: " * (والذين تبوأوا الدار من قبلهم) *) أي من قبل قدوم المهاجرين عليهم وقد آمنوا " * (يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة) *) حزازة وغيطا وحسدا " * (مما أوتوا) *) أي مما أعطوا المهاجرين من الفيء. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني النضير بين المهاجرين، ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كما ذكرناهم، فطابت أنفس الأنصار بذلك. " * (ويؤثرون على أنفسهم) *) إخوانهم من المهاجرين بأموالهم وديارهم " * (ولو كان بهم خصاصة) *): فاقة وحاجة إلى ما هو يزول؛ وذلك أنهم قاسموهم ديارهم وأموالهم.
وأخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد السيستاني قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم الثقفي قال: أخبرنا محمود بن خداش وسمعته يقول: ما أخذت شيئا أشتري قط قال: حدثنا محمد بن الحسن السيستاني قال: حدثنا الفضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أصابه الجهد فقال: يا رسول الله، إني جائع فأطعمني. فبعث النبي صلى الله عليه وسلم (عليه السلام) إلى أزواجه: (هل عندكن شيء؟). فكلهن قلن: والذي بعثك بالحق نبيا ما عندنا إلا الماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما عند رسول الله ما يطعمك هذه الليلة). ثم قال: (من يضف هذا هذه الليلة يرحمه الله).
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»