عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس في قصة هلال بن أمية حين قذف امرأته بشريك بن سحماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيجلد هلال وتبطل شهادته في المسلمين ".
وذكر الحديث، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن وقوع الجلد به يبطل شهادته من غير شرط التوبة في قبولها. وقد روى الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا في قذف "، قال أبو بكر: ولم يستثن فيه وجود التوبة منه. وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا حامد بن محمد قال: حدثنا شريح قال حدثنا: مروان عن يزيد بن أبي خالد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجوز في الاسلام شهادة مجرب عليه شهادة زور ولا خائن ولا خائنة ولا مجلود حدا ولا ذي غمر لأخيه ولا الصانع لأهل البيت ولا ظنين ولا قرابة "، فأبطل عليه الصلاة والسلام القول بإبطال شهادة المحدود، فظاهره يقتضي بطلان شهادة سائر المحدودين في حد قذف أو غيره، إلا أن الدلالة قد قامت على جواز قبول شهادة المحدود في غير القذف إذا تاب مما حد فيه، ولم تقم الدلالة في المحدود في القذف، فهو على عموم لفظه تاب أو لم يتب، وإنما قبلنا شهادة المحدود في غير القذف إذا تاب لأن بطلان شهادته متعلق بالفسق فمتى زالت عنه سمة الفسق كانت شهادته مقبولة، والدليل على ذلك أن الفعل الذي استحق به الحد من زنا أو سرقة أو شرب خمر قد أوجب تفسيقه قبل وقوع الحد به، فلما لم يتعلق بطلان شهادته بالحد كان بمنزلة سائر الفساق إذا تابوا فتقبل شهاداتهم، وأما المحدود في القذف فلم يوجب القذف بطلان شهادته قبل وقوع الحد به لأنه جائز أن يكون صادقا في قذفه، وإنما بطلت شهادته بوقوع الحد به فلم تزل ذلك عنه بتوبته.
قوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء). قال أبو بكر:
قد اقتضت هذه الآية أن يكون شهود الزنا أربعة، كما أوجب قوله: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) [البقرة: 282] وقوله:] (وأشهدوا ذوي عدل منكم قبول) [الطلاق: 2] قبول شهادة العدد المذكور فيه وامتناع جواز الاقتصار على أقل منه. وقال تعالى في سياق التلاوة عند ذكر أصحاب الإفك: (لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون)، فجعل عدد الشهود المبرىء للقاذف من الحد أربعة وحكم بكذبه عند عجزه عن إقامة أربعة شهداء، وقد بين تعالى عدد شهود الزنا في قوله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) [النساء:
15] الآية، وأعاد ذكر الشهود الأربعة عند القذف إعلاما لنا أن القاذف لا تبرئه من الجلد إلا شهادة أربعة.