ومن سورة الحج بسم الله الرحمن الرحيم قال أبو بكر: لم يختلف السلف وفقهاء الأمصار في السجدة الأولى من الحج أنها موضع سجود واختلفوا في الثانية منها وفي المفصل، فقال أصحابنا: " سجود القرآن أربع عشرة سجدة، منها الأولى من الحج وسجود المفصل في ثلاثة مواضع "، وهو قول الثوري. وقال مالك: " أجمع الناس على أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء ". وقال الليث: " أستحب أن يسجد في سجود القرآن كله وسجود المفصل وموضع السجود من حم: (إن كنتم إياه تعبدون) [فصلت: 37] ". وقال الشافعي: " سجود القرآن أربع عشرة سجدة سوى سجدة ص فإنها سجدة شكر ". قال أبو بكر: فاعتد بآخر الحج سجودا. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد في ص. وقال ابن عباس في سجدة حم: السجدة بآخر الآيتين، كما قال أصحابنا: وروى زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في النجم. وقال عبد الله بن مسعود: " سجد النبي صلى الله عليه وسلم في النجم ".
قال أبو بكر: ليس فيما روى زيد بن ثابت من ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجود في النجم دلالة على أنه غير واجب فيه، ذلك لأنه جائز أن لا يكون سجد لأنه صادف عند تلاوته بعض الأوقات المنهي عن السجود فيها فأخره إلى وقت يجوز فعله فيه، وجائز أيضا أن يكون عند التلاوة على غير طهارة فأخره ليسجد وهو طاهر. وروى أبو هريرة قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في: (إذا السماء انشقت) [الانشقاق: 1] و (اقرأ باسم ربك الذي خلق) [العلق: 1].
واختلف السلف في الثانية من الحج، فروي عن عمر وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء وعمار وأبي موسى أنهم قالوا: " في الحج سجدتان "، وقالوا: " إن هذه السورة فضلت على غيرها من السور بسجدتين ". وروى خارجة بن مصعب عن أبي حمزة عن ابن عباس قال: " في الحج سجدة ". وروى سفيان بن عيينة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " الأولى عزمة والآخرة تعليم ". وروى منصور عن الحسن عن ابن عباس قال: " في الحج سجدة واحدة ". وروي عن الحسن وإبراهيم وسعيد بن جبير