أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٢٩١
ومن سورة الأنبياء بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما). حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: (نفشت فيه غنم القوم) قال: " في حرث قوم ". وقال معمر: قال الزهري: " النفش لا يكون إلا بالليل والهمل بالنهار ". وقال قتادة: " فقضى أن يأخذوا الغنم ففهمها الله سليمان، فلما أخبر بقضاء داود عليه السلام قال لا ولكن خذوا الغنم فلكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول ". وروى أبو إسحاق عن مرة عن مسروق: (وداود وسليمان) قال: " كان الحرث كرما فنفشت فيه ليلا فاجتمعوا إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الحرث، فمروا بسليمان فذكروا ذلك له فقال: أولا تدفع الغنم إلى هؤلاء فيصيبون منها ويقوم هؤلاء على حرثهم حتى إذا عاد كما كان ردوا عليهم، فنزلت: (ففهمناها سليمان) ". وروي عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه في قصة داود وسليمان.
قال أبو بكر: فمن الناس من يقول إذا نفشت ليلا في زرع رجل فأفسدته أن على صاحب الغنم ضمان ما أفسدت، وإن كان نهارا لم يضمن شيئا، وأصحابنا لا يرون في ذلك ضمانا لا ليلا ولا نهارا إذ لم يكن صاحب الغنم هو الذي أرسلها فيها. واحتج الأولون بقضية داود وسليمان عليهما السلام واجتماعهما على إيجاب الضمان، وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما حدثنا أبو داود قال: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال:
حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه: " أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الأموال حفظها بالنهار وعلى أهل المواشي حفظها بالليل ". وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا الفريابي عن الأوزاعي عن الزهري عن
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»