وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد: " أن في الحج سجدة واحدة ". وقد روينا عن ابن عباس فيما تقدم أن في الحج سجدتين، وبين في حديث سعيد بن جبير إن الأولى عزمة والثانية تعليم، والمعنى فيه والله أعلم أن الأولى هي السجدة التي يجب فعلها عند التلاوة وأن الثانية كان فيها ذكر السجود فإنما هو تعليم للصلاة التي فيها الركوع والسجود، وهو مثل ما روى سفيان عن عبد الكريم عن مجاهد قال: السجدة التي في آخر الحج إنما هي موعظة وليست بسجدة، قال الله تعالى: (اركعوا واسجدوا) فنحن نركع ونسجد..
فقول ابن عباس هو على معنى قول مجاهد، ويشبه أن يكون من روى عنه من السلف أن في الحج سجدتين إنما أرادوا أن فيه ذكر السجود في موضعين وأن الواجبة هي الأولى دون الثانية على معنى قول ابن عباس. ويدل على أنه ليس بموضع سجود أنه ذكر معه الركوع، والجمع بين الركوع والسجود مخصوص به الصلاة، فهو إذا أمر بالصلاة والأمر بالصلاة مع انتظامها للسجود ليس بموضع سجود، ألا ترى أن قوله: " أقيموا الصلاة) ليس بموضع للسجود؟ وقال تعالى: (مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) [آل عمران: 43] وليس ذلك سجدة؟ وقال: (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين) [الحجر: 98] وليس بموضع سجود لأنه أمر بالصلاة؟ كقوله تعالى:
(واركعوا مع الراكعين) [البقرة: 43].
قوله تعالى: (مخلقة وغير مخلقة). قال قتادة: " تامة الخلق وغير تامة الخلق ".
وقال مجاهد: " مصورة وغير مصورة ". وقال ابن مسعود: " إذا وقعت النطفة في الرحم أخذها ملك بكفه فقال: يا رب مخلقة أو غير مخلقة؟ فإن كانت غير مخلقة قذفتها الأرحام دما وإن كانت مخلقة كتب رزقه وأجله ذكر أو أنثى شقي أو سعيد ". وقال أبو العالية: " غير مخلقة السقط ".
قال أبو بكر: قوله تعالى: (من مضغة مخلقة) ظاهره يقتضي أن لا تكون المضغة إنسانا كما اقتضى ذلك في العلقة والنطفة والتراب، وإنما نبهنا بذلك على تمام قدرته ونفاذ مشيئته حين خلق إنسانا سويا معدلا بأحسن التعديل من غير انسان، وهي المضغة والعلقة والنطفة التي لا تخطيط فيها ولا تركيب ولا تعديل للأعضاء، فاقتضى أن لا تكون المضغة إنسانا كما أن النطفة والعلقة ليستا بإنسان، وإذا لم تكن إنسانا لم تكن حملا فلا تنقضي بها العدة إذ لم تظهر فيها الصورة الانسانية وتكون حينئذ بمنزلة النطفة والعلقة إذ هما ليستا بحمل ولا تنقضي بهما العدة بخروجهما من الرحم. وقول ابن مسعود الذي قدمناه يدل على ذلك؟ لأنه قال: " إذا وقعت النطفة في الرحم أخذها ملك بكفه فقال:
يا رب مخلقة أو غير مخلقة فإن كانت غير مخلقة قذفتها الأرحام دما "، فأخبر أن الدم